“الشعر في عسير”.. ظواهر فنية ترتبط بالبيئة والحس الوطني
تناول كتاب “الشعر في عسير” لمؤلفه عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الدكتور أحمد عبدالله التيهاني، أبرز الملامح الفنية التي تميز بها شعراء المنطقة خلال الفترة ( 1351 – 1430 هـ)، في الوقت الذي يلتقي فيه العديد من الشعراء والأدباء من منطقة عسير وخارجها اليوم، للمشاركة في فعاليات” ملتقى عسير الشعري” الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام.
ويشير المؤلف إلى أن حضور الوصف للمظاهر الطبيعية التي تتميز بها منطقة عسير عند فئة كبيرة من الشعراء المجددين، وقال : “باتت مظاهر الطبيعة انعكاسات للحالات النفسية، وصار المعجم اللغوي ممتلئاً بألفاظ الطبيعة، وأمست الطبيعة مصدر استمداد أكثر الصور الشعرية، وإلى جانب وصف الطبيعة، وجدت قصائد كثيرة تصف مظاهر التنمية، وعناصر الجذب السياحي”.
ولاحظ الدكتور التيهاني في دراسته أن قصيدة المدح باتت تختلف عنها، في الشعر العربي القديم؛ ذلك أنها صارت ممزوجة بالحس الوطني، والحب النابع من الوجدان، بل إنها – في الغالب – قصيدة وطنية تستحضر إيجابيات الواقع في ظل الوحدة الوطنية.
ويؤكد الدكتور التيهاني، أنّ الطبيعة كانت المصدر الأكثر إمدادًا لشعراء عسير، حتى تحولت بعض القصائد إلى ما يشبه الصورة الفوتوغرافية، أو اللوحة التشكيلية التي تتزاحم فيها عناصر الطبيعة، مبيناً أن الصور الفنّية تنوعت بحسب المحركات الأساسية للحواس في الإنسان، من لون، وصوت، ورائحة، وذوق، فضلاً عن وجود الصور الذهنية.
وأوضح، أن أهم نتائج دراسة الصورة الفنية، هو شيوع ألوان بعينها، في الصور البصرية اللونية، مبيناً أن الصور السمعية، كان أكثرها مستمداً من أصوات الطبيعة، حيث لاحظ الباحث، في هذا النوع، قلة اعتماد الشعراء على أدوات التوجع والتفجع والتحسّر، أو على الجرس.
وفي الجانب الفني وجد الباحث أن بعض الشعراء وضّف ألفاظاً تمثل مصطلحات محلية خالصة، أوتوصف بها الأشياء، أو تُسمّى بها في اللهجة المحلية، مسميات الأشياء وأوصافها، بالإضافة إلى اتباع بعض الشعراء الطريقة المحلية في نطق بعض الألفاظ، وكتابتها على تلك الطريقة في دواوينهم، وقد توصل المؤلف إلى أن هذه المظاهر اللغوية، هي أهم ما ميز القصيد الحديثة في عسير، عن غيرها في البيئات الأخرى، والملحوظ الأهم، أن استخدام الألفاظ المحلية، سواءً أكانت فصيحةً في أصلها، أم عامية صرفة، ينحصر في عددٍ محدود من الشعراء .
ويخلص الكتاب إلى نتيجة مفادها أن شعراء عسير قد أكثروا من استخدام البحور الشائعة في الشعر العربي، قديمه، وحديثه، وأكثرها شيوعًا خمسة، هي: الطويل، والكامل، والبسيط، والخفيف والوافر، وقد وضعت نتيجة الإحصاء بحر الرمل في المرتبة الثالثة متقدمًا على بحور أكثر شيوعًا في الشعر العربي، وهو ما علله الباحث باعتياد آذان شعراء عسير على تفعيلاته، بوصفها المفضلة عند شعراء الأهازيج الشعبية العسيرية.