تأسست في بريطانيا 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
كتاب مفاكرة

البحر بين التأمل والحياة

في كل فيلم رومانسي ولقطة جميلة بين المحبين ينبغي لمشهد الوقوف على شاطئ البحر أن يكون حاضرا . إن صوت موج البحر جالب للسعادة فعلا ،الحركة المستمرة للأمواج عنوان للحياة الدائمة .ويشعر كثير من الناس بالسعادة والإستمتاع عند الجلوس أو المشي عند البحر بمفردهم ويساعدهم ذلك على التأمل وترتيب أفكارهم ،وحتى تفريغ المشاعر السلبية وتجديد الهواء وإستنشاق هواء جديد يبعث على مشاعر إيجابية طيبة وكأن حركة المياه تسحب ما يقع من الناس على الشاطئ وترميه بعيدا، وتعيد إليهم هواء نقيا وفكرا متجددا لدى عودة المياه إلى الشاطئ لتهديهم صفاء ذهن وراحة . أعتقد أ ن الكثير الكثير من الناس يحبون البحر ويعشقون تلك اللحظات أو الساعات في البقاء على شاطئ البحر والقليل جدا الذين يخافونه ،قد تكون فوبيا أو أسباب خوف من الصغر أو تجربة غرق أو غيرها. ولكن هذا المكان الشاعري الساحر نعاني حين نلجأ إلى الشواطئ من كثير من الممارسات التي تزعج قاصدي البحر وقاصدي التأمل والراغبين في الهواء والإنعزال عن أصوات البشر المزعجة التي تمتلئ بها رؤوسنا طوال الوقت ،سواء من المنزل ،الشارع،السيارة،الأعمال،البقالة،السوق،المدارس،والكثير الكثير من الصخب اليومي والأسبوعي والشهري في حياتنا .ونأتي إلى البحر راغبين في ساعة هادئة فقط أن أجلس على مقعد مقابل البحر ،أسمع صوت الموج ويتحسس وجهي هواء البحر العليل ثم تدور الأفكار والأفكار ،وتبدأ تصفو وتصفو إلى أن أشعر كأن عقلي يتجدد وينتعش ،وفي لحظة الإستشفاء تلك ،يقطع صمتك ركض طفل يجري ووالده خلفه يصرخ :تعال ياولد ،لا تروح ياولد،اسمع الكلام ياولد…..وفي لحظة تتجمد أفكارك وتشعر بالأصوات والضجيج يخترق لحظاتك وهدؤك.
وقد نقرر أن نمشي بمحاذاة الشاطئ ،فالمشي صحة ورياضة ومفيد للأفكار والجسم عامة .وما أن تمضي وتعيش اللحظات ،يمر بجانبك شاب على سكوتر مسرع،أب ومعه خمسة أطفال تعالوا نمشي يابابا ،امرأة مسنة أجبرتها ابنتها على المشي لتتحرك وهي كارهة :أنا تعبانه ،أنا ما أقدر،أنا ليه خرجتوني ،وغير من يمشي أو تمشي وتوزع العطر من كثرته ،أنواع وأنواع من العطور الفاقعة لكنها سيئة ،مهما كانت رائحة العطر جميلة لأن الزيادة غير لائقة. إن الأماكن العامة والبحر خاصة لها أصول وآداب في إرتيادها ناهيك عن إتكيت التصرف في الأماكن العامة الذي بات ثقافة عالمية ،ومن أولها خفض الصوت ،إحترام الناس والمارة ،عدم مضايقة الآخرين بالقرب كثيرا منهم،الحرص على النظافة،النظافة الشخصية وعدم إيذاء الناس ،مراعاة الأطفال ومرافقتهم للأماكن المناسبة لهم .والآداب يجب على الجميع مراعاتها،سواء أفرادا أو عائلات أو ذوي أطفال أو مجموعات سياحية أو مجموعات صديقات أو مجموعة أصدقاء. أتمنى أن أجد أماكن على شاطئ البحر للتأمل الهادئ ،والجلسات الهادئة يسهل الوصول لها يوميا. لقد كان من أجمل قراراتي أن امتلكت منزلا في مدينة جدة الساحلية حتى أقترب من البحر وأستطيع الذهاب إليه أي وقت صباحا أو مساءا ،بعد أن كنت أقطع مسافة ليست بالقريبة من مدينة مكة المكرمة حتى أذهب إلى البحر .إن محبي البحر يمتلكون مزاجا مختلفا ،فأوقات يعشقون الصخب وتواجد الناس مع البحر،وأوقات يرغبون في الهدوء والتأمل مع البحر.نحتاج فقط أن نحترم تواجدنا مع البحر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى