تأسست في بريطانيا 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
كتاب مفاكرة

نيجيرفان بارزاني وضع يده على الجرح العراقي المزمن!

بقلم| محمد واني 

شارك إقليم كردستان في بناء الدولة الجديدة للعراق بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 وساهم في اقامة المؤسسات والمرافق الاساسية للبلاد مثل البرلمان والحكومة والمحاكم والمؤسسات الامنية والعسكرية واشترك في كتابة الدستور والقوانين التي تسيّر البلاد وتنظمها وفق نظام ديمقراطي فيدرالي ، وعلى هذا الاساس عاد الى “حضن” العراق كدولة اتحادية فدرالية بعد ان انفصل عنه لفترة من الزمن ، واصبح جزءا أساسيا من المعادلة السياسية للعراق الفدرالي .. ولكن ما حدث بعد ذلك ان شركاء الحكم من الأحزاب الشيعية التي شكلت الحكومات المتعاقبة بدعم واسناد من الكرد ، تجاوزوا العهود والمواثيق والاتفاقات السياسية التي ابرموها مع الكرد وتوجهوا نحو اعادة الحكم المركزي الشديد الى الدولة وفرض وصاياهم على اقليم كردستان بالقوة ، وعندما رفض الكرد تلك السياسة القهرية وطالبوا بتطبيق المادة 140 من الدستور التي تعالج المشاكل التاريخية في المناطق الكردية التي تعرضت الى التعريب والتهجير من قبل الانظمة القومية الشوفينية المتعاقبة ، وبدل ان ينفذوا المادة الدستورية المفصلية ليحل السلام في المنطقة وتنهي حروبا دموية بين الاخوة الاعداء ، لجئوا الى فرض الحصار والتجويع على الشعب الكردي منذ 2014 وقطع حصته من الموازنة ورواتب موظفيه!
ومنذ ذلك الحين حاول قادة إلاقليم إيجاد مخارج سياسية ودستورية للازمات العالقة مع بغداد والتي بدأت تكبر وتستفحل بمرور الزمن ولكن محاولاتهم كلها باءت بالفشل الذريع! استمر الوضع على هذا المنوال والشعب الكردي يعاني من التجويع وبغداد تشدد وتبحث عن خطوة جديدة و”مبتكرة!” لالحاق الاذى بالشعب المسالم ، فقطعت عنه صادراته النفطية الى تركيا عبر المحاكم الفرنسية وحاربته في اخص شؤونه الداخلية وفرضت عليه الدوائر الانتخابية والمفوضية العليا واستنفرت كل طاقاتها لمحاربة اقليم كردستان واخضاعه لسطوتها التي بدأت تكبر وتتغول من خلال الحكومة والبرلمان والمحاكم وجيش كبير من الطابور الخامس”الجواسيس”داخل الاقليم .. بينما انهمكت سلطات الإقليم بارسال الوفود تلو الوفود وباعلى المستويات الى بغداد لوضع حد لتلك العقوبات المتصاعدة التي لاتنتهي!
ولكن دائما يعود الوفود من زياراتهم المنهكة الى بغداد بخفي حنين!، وكلما اقترب الطرفان الكردي والحكومي الى عقد اتفاق لحل المشاكل ، جاء طرف الثالث ليدق الاسفين بينهما ويعيد العلاقة المتدهورة بينهما الى مربعها الأول! وهكذا دواليك! ، الاقليم يقدم تنازلات وبغداد تشدد وتزيد من شروطها التعجيزية ، والنتيجة ان الازمات تراكمت وتعقدت ووصلت الى طريق مسدود ، ما دفع بالاقليم في النهاية الى اجراء استفتاء للانفصال عن العراق والتخلص من مشاكله وازماته التي لاتنتهي الى الابد في 2017 ..
بينما فرض الجانب الحكومي المزيد والمزيد من العقوبات الاقتصادية والعسكرية والسياسية الصارمة الجائرة ضده. بذل رئيس اقليم كردستان”نيجيرفان بارزاني” المستحيل لايجاد مخرج للازمات المشتعلة وفق نصوص الدستور من خلال جهود دبلوماسية استثنائية. ورغم ذلك فما زالت بغداد تتعامل مع الاقليم وفق نظام مركزي وليس اتحادي ، وكأننا مازلنا نعيش في زمن النظام البعثي الصدامي ، فالخلل الاساسي الذي لابد من تصحيحه ؛ هو ان يدار العراق بالتوافق بين جميع الاطراف ، وفق نيجيرفان بارزاني.

وقد وضع بارزاني يده على الجرح العراقي المزمن واشار اليه في مناسبات كثيرة وأخرها منتدى”ميري” للدراسات والبحوث السياسية المقام باربيل العاصمة في 30 /10 ، حيث كرر ما قاله سابقا ؛ ان “«هناك اختلاف رؤى بين أربيل وبغداد، وهو أن الإقليم يرى بغداد على أنها تفرض مركزيتها وتقلص امتيازات وصلاحيات الإقليم، بينما بغداد ترى أن ما استحصله إقليم كوردستان يتجاوز الفيدرالية ولديه امتيازات كبيرة، بالمحصلة يجب إيجاد حل يقرب رؤى الطرفين!
فهل يستطيع رئيس اقليم كردستان بحكمته المعهودة ودبلوماسيته المشهود لها بالكفاءة ، ردم الهوة بين بغداد واربيل وينجح في هذه المهمة “المستحيلة!”؟..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى