“إجازات ثقيلة في توقيت صعب: العائلات بين متطلبات الحياة وأمل الاستجمام”
مفاكرة – فاطمة إبراهيم
في كل موسم إجازة، تتحول السعادة المنتظرة إلى عبء ثقيل على كاهل كثير من الأسر السعودية. فمع قرب عطلات منتصف العام وإجازات الربيع، يجد الآباء والأمهات أنفسهم أمام تحدٍّ جديد: كيف يستمتعون مع عائلاتهم، وسط جداول الرواتب التي لا تتزامن مع احتياجات الإجازة ومتطلباتها؟
محمد بدر، موظف في قطاع الاتصالات، يحكي عن تجربته، حيث يقول: “كلما اقتربت الإجازة، أبدأ في حساب المصاريف من جديد، كأنني في متاهة. إن أردت توفير شيء بسيط ليحظى أطفالي بإجازة ممتعة، أضطر للبحث عن طرق لتوفير المال، إما عبر تأجيل بعض الفواتير أو الاقتراض مؤقتًا من زميل هنا أو هناك.” ومع هذا القلق، يتساءل محمد: “هل يجب حقًا أن تتحول الإجازات إلى وقت للضغوط المالية، بدلًا من الراحة؟”
ولا يقتصر هذا الشعور على الآباء فقط. فالأمهات أيضًا، مثل سارة المقبل، يشعرن بأن فترة الإجازات، التي يجب أن تكون فرصة للراحة والبعد عن الروتين اليومي، صارت مصدر قلق مستمر. تقول سارة: “أحاول دائمًا أن أهيئ لأطفالي أجواء مريحة، ولكن عندما تصطدم الرغبة في الترفيه بقلة الموارد، يصبح الأمر محبطًا.” وتشير سارة إلى أنها وزوجها يبذلان جهدًا مضاعفًا لتوفير المال، فقط لتلبية احتياجات بسيطة خلال الإجازة، لكنها تتمنى لو أن التوقيت يساعدهما قليلًا.
من وجهة نظر اقتصادية، يؤكد الدكتور خالد الإبراهيم، الخبير المالي، أن تباعد مواعيد الإجازات عن مواعيد الرواتب يمثل تحديًا حقيقيًا للأسر السعودية. “المشكلة ليست في الإجازات بحد ذاتها، بل في توقيتها الذي لا يتناسب مع قدرة الأسر على التحمل المالي”، يقول الدكتور خالد. ويضيف بأن التخطيط المالي المسبق قد يساعد إلى حد ما، لكنه غير كافٍ في مواجهة عبء المصاريف الإضافية، خاصة في ظل الأعباء الأخرى التي تتحملها الأسر يوميًا. ويوضح الدكتور أن حل هذه المسألة قد يتطلب تنسيقًا أكثر فاعلية من قبل الجهات التعليمية، لضمان مواعيد إجازات تتلاءم مع مواعيد الصرف للرواتب، بحيث تُمنح الأسر فرصة للاستمتاع دون ضغوط.
مع كل ذلك، يستمر الأمل لدى كثير من الآباء والأمهات بأن يتم النظر في توقيت الإجازات بعين أكثر مراعاة لواقع الأسر، وأن تتحول الإجازات إلى أوقات للراحة فعليًا، حيث يمكن للعائلات أن تنطلق في رحلات قصيرة أو أنشطة ترفيهية دون أن يكون الهم المالي شريكًا في كل لحظة.
