“بين الشريان والراشد: صراع إعلامي أم اختلاف في الرؤى؟”
في مشهد لافت، نشهد اليوم تصادمًا بين اثنين من أبرز الأسماء الإعلامية العربية، داود الشريان وعبد الرحمن الراشد، وهما شخصيتان طبعتا مسار الإعلام العربي بمسيرتهما المهنية الطويلة، وإن اختلفت طرقهما ورؤاهما.
تاريخ طويل من الإعلام والبرامج الحوارية
بدأ الخلاف عندما أشار عبد الرحمن الراشد، الذي تولى منصب المدير العام لقناة “العربية” سابقًا، إلى أن داود الشريان “لا يجيد السياسة” وأنه فشل في تقديم برنامج سياسي ناجح على شاشة “تلفزيون دبي”. ولم يكن هذا التصريح سوى بداية لسلسلة من الردود.
الشريان، الذي لمع اسمه في الإعلام السعودي، كان قد قاد برنامج “المقال” على شاشة “تلفزيون دبي” عام 2005، حيث استضاف شخصيات بارزة من رؤساء دول ووزراء خارجية، وحقق البرنامج نجاحًا واسعًا، ليس فقط على مستوى المشاهدة، بل أيضًا بين النخب السياسية. وقد نال برنامج الشريان جائزة البرامج الحوارية من قناة “الجزيرة”، في خطوة وصفت بأنها تأكيد على مكانته بين البرامج السياسية في العالم العربي.
وعن تركه للبرنامج، يوضح الشريان أن التوقف جاء نتيجة اتصال من الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي نقل له عبر رئيس الديوان الملكي رغبة الملك في عودته للإعلام السعودي. ويضيف الشريان أنه استجاب لطلب الملك، مقدمًا اعتذاره لـ”تلفزيون دبي”، ومعتبرًا أن الدعوة جاءت تقديرًا لمسيرته المهنية ورغبة في مواصلة جهوده ضمن الإعلام السعودي.
فشل الراشد في تجاربه الحوارية
وفي رده على تصريحات الراشد، أشار الشريان إلى تجربة عبد الرحمن الراشد في “تلفزيون المستقبل” اللبناني، حيث قدم برنامجًا حواريًا في التسعينات بدعوة من الرئيس الراحل رفيق الحريري. ومع حملة إعلانية ضخمة وتدريب خاص تلقاه الراشد من القناة، إلا أن البرنامج لم يحقق النجاح المرجو، ولم يحقق المشاهدات المطلوبة، مما أدى إلى إيقافه بعد بضعة أشهر فقط.
الشريان لم يتوانَ عن تذكير الراشد بهذا الفشل، معتبرًا أن التجربة الفاشلة للراشد قد تكون السبب وراء موقفه السلبي من البرامج الحوارية. ويبدو أن هذا الموقف انعكس بوضوح عندما كان الراشد مديرًا عامًا لقناة “العربية”، حيث كان غير متحمس لدعم البرامج الحوارية على القناة، برغم دورها المحوري في شهرة القنوات الإخبارية.
التصادم والتوقيت
طرح الشريان تساؤلات حول توقيت تصريحات الراشد، متسائلًا عن سبب استعادته لهذه التجربة الآن تحديدًا، مستنكرًا ما وصفه بـ”التدليس” في سرد الراشد للأحداث، في إشارة إلى محاولة الراشد إضعاف قيمة تجربة الشريان الإعلامية.
: بين المصالح المهنية والتنافس الشخصي
يظهر هذا الخلاف بين الشريان والراشد كصراع بين مسارين إعلاميين مختلفين؛ الأول يرى أن الحوارات السياسية جزء لا يتجزأ من العمل الإعلامي وأساس النجاح، بينما الثاني، ربما بتأثير من تجاربه الخاصة، يعتبر أن النجاح الإعلامي يمكن تحقيقه دون الحاجة للحوارات السياسية.
ورغم أن هذه التصريحات قد توحي بأنها جزء من التنافس الطبيعي بين الأسماء البارزة، إلا أن حجمها وتوقيتها قد يعكس عمق الخلاف بين الشخصيتين؛ فهل هو مجرد تصادم إعلامي، أم أن خلفيته تحمل صراعًا أعمق بين رؤى مختلفة لمستقبل المشهد؟