تأسست في بريطانيا 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
كتاب مفاكرة

“إدارة الحوار دون جدال”

بقلم المستشار د.عبدالإله بن محمد جدع

يتفاهم الناس في المجتمعات الإنسانيّة من خلال تحدّثهم مع بعضهم البعض أو بالإشارات، ويُعدّ الكلام  وسيلة التْخاطب والفهم الرئيسة خلال الحِوار، (Dialogu) الذي هو عبارة عن مُحادثة تتمّ بين شخصين أو مجموعة من الأشخاص من أجل النقاش وتبادل الآراء حول موضوع ما،ويمكن القول بأنّه تفاعل مَعرفي وسلوكي أو إنفعالي بين طرف وطرف أو أطراف ، ويتمّ ذلك في وجود عناصر الاتّصال الأساسية التي تتمثّل في كلٍّ من؛ المُرسِل والمستقبل والرسالة والهدف وأداة الاتصال أو الحوار، بغية  إنتاج أفكار ومخرجات جديدة مختلفة عن المدخلات القديمة التي كانت سائدة عند الأطراف قبل بدء الحوار ،كما أن فيه بسط وتوضيح للمعاني وإثراء للمعلومات وهو فن يحتاج للحديث بمهارة بغية الإقناع أو الوصول على الأقل إلى أرضية مشتركة من التفاهم والقناعة، والفائدة، بعيداً عن الحِدّة والصراخ أو الإستفزاز ،التي تؤدي للجدال العقيم الذي يعطل الحوار ويفسده حين التعامل مع الآخرين على أنهم أعداء يجب هزيمتهم  حين نستمع فقط لنكشف مواطن ضعفهم  فلا ننفتح على أى رأى آخر أو أفكار جديدة أو حتى أى إحتمال لنغير رأينا أوموقفنا ويجري   الحِوار غالباً على الصعيد الشخصي في تعاملات الفرد مع أسرته وزوجته على وجه الخصوص، وكذلك على مستوى الأعمال والعلاقات المجتمعية، ولابد أن يضع المحاور نصب عينيه أن الجدال الذي يفسد ويُعطّل الحوار ولايحقق مكسباً حقيقياً أبداً،  بل على العكس هو يفرز خسارة طرف أخر  كان من الممكن أن يصبح صديقاً اوشريكاً متوقعاً،
وفي مجال الأعمال تكون قد خسرت صفقة أو إتفاقاً محتملا بسببه
وتكشف خبيرة الإتصال والكاتبة
Debra Fine
في كتابها؛ (The Fine Art of Small Talk)
أسس بدء محادثة ناجحة مع طرف أو أطراف لتحقيق حوار ناجح، وخلق الآلفة و ترك انطباع ايجابي لديهم، و لابد من التدريب لتنمية مهاراتك في فن الحوار وتحمّل المبادرة في الحديث وقيادته مع الطرف الأخر برقيّ يحقّق الهدف منه، ومن المهم جدا أن تبدأ أي حوار بالابتسامة فهي أقصر الطرق لتحقيق الانسجام، فعندما تبتسم بوجه شخص سوف يرد عليك على الفور بإبتسامة مما يجعلها مقدمة  لبدء حوار ناجح فعال يطرح فيها كل طرف رأيه وأفكاره دون تشنّج أو إصرار  على أخذ الطرف الآخر بها ورضوخه لها الأمر الذي يزيد من انفعال الآخر وبناء سدّ بينك وبينه يمنعه من القبول ويجعله يسلك نفس الاسلوب فيتحول الحديث والحوار إلى خلاف وصراع، بينما تُحقق لغة الحوار الراقي  قبول الطرف الآخر وانفتاحه وارتياحه  حين معاملته  كشريك  في تذليل  الصعوبات وإيجاد البدائل و الحلول،يقول
Professor Ron Carter
إن الحوار الفعّال هو مهارة مكتسبة للتأثير على شخص أو أشخاص لتحقيق أهداف معينة، وهو لقاء تفاوضي لتحقيق  توازن  في الرأي وأرضية مشتركة مع آخرين، وهناك فرق  بين الحوار والتفاوض. فالحوار هو أسلوب مكاشفة ومصارحة وتعريف بما لدى طرف ما، دون شرط التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وأيضاً دون مدى زمني محدّد لهذا الحوار. أمّا التفاوض فهو ينطلق من معرفة مسبَقة بما يريده الآخر،ولكن في إطار المحادثات التي تستهدف لاحقاً الحصول على مكاسب في جانب مقابل تنازلاتٍ في جانب آخر.
إذن فمن الممكن أن يتحول الحوار إلى تفاوض حين تكون ثمة مطالبات وشروط عند كل طرف، وغالبا ما تصطدم  الحوارات في نقاشات عمل بطريق مسدودة حين تبدأ بعبارة “كيف الحال والسؤال عن الاحوال بحسب تقرير للكاتبة
JUDITH HUMPHREY
على موقع “Fast Comoany” التي تعتبر أن معظم الطرق التي نعتمدها لفتح المحادثات تفشل في إشراك الطرف الآخر فيها، ويمكنك عِوَضاً عن ذلك البدء بكلمات تُشعر الآخر بأنه مميّز ومهم كأن تقول :كم وددت رؤيتك واللقاء بك،،/ سعيد بالجلوس معك،، /وهكذا،، وعلى الإنسان أن يسعى في الحوارات بشكل عام إلى توكيد ذاته وتوكيد الذات أو ما يعرف “Self-Assertiveness” وهي عبارة عن مهارة سلوكية تتضمن تعبير الفرد عن مشاعره الإيجابية أو السلبية بصورة ملائمة وحسن تصرّفه في العلاقات مع الآخرين بحيث يعبّر عن مشاعره ومواقفه وحقوقه بشكل صريح وحازم، دون أن يخلّ بحقوق أو مشاعر الآخرين، ويحدّد الخبيران في الإتصال يجي غوت و فويتشيخ هامان،في كتابهما”إحترام الصراع” أو الاختلاف فوائد التفاعل الإيجابي خلال الحوار فهو
يدفع المتحاورين للوصول إلى مزيد من نقاط التفاهم واستمرار اللقاء والبعد عن الاسلوب التقييمي للآخر أو النقد الذي يحرج الآخر، ولا بأس من الإشارة بطريقة ودية إلى بعض ما يزعجنا ولفت نظر الآخرين إلى مانريد،، ومن الاهمية بمكان أن تضع في إعتبارك حين تستمع أو تحاور أسس  التفاهم المثمر والإتصال الفعال وهي:
-لا تستعجل في التقيم والتفسير
-لا تعمّم الرأي والفهم
لا- تقدّم نصائح جاهزة
-نبذ الشك وسوء النية  والابتعاد عن الانتقاد  الشخصي
ومن الأساليب الناجحة في
الحوار:
– أن تبحث عن مناطق التفاهم  بينك وبين الآخر وتبدأ بها وتعزز مواقفه الإيجابية فتكسبه وتمهد الطريق لإقناعه وتنازله
– حاول دائما أن تجعل الآخر شريكاً فى إيجاد الحلول
– ركز على المصالح و العائد و ليس المكانة،
– تجنب فرض الرأي فتفقد الرؤية نحو هدفك من  الحوار، واحترم وجهة النظر الأخرى، ولا تتمسك برأيك
– من المهم طرح أسئله توضيحية مفتوحة  تبدأ بـ , ماذا و لماذا،، و اترك الأسئلة المغلقة لتشجع الطرف الآخر  على الشرح والثقة
– إصمت وأنصت ولاتقاطع :
واقضي و قتا أطول  فى الإستماع اكثر من الكلام.  – اهتم بالتواصل البصري والجسدي المهمين في كسب الطرف الآخر
– تجنّب إصدار الأحكام مسبقاً
-احترم محاورك، ولاتكن هجومياً ولااستفزازياً خلال الحوار،، وكن دبلوماسياً،
.ابتعد عن اسلوب التفكير النمطي الذي يتجه للشخصنة حين يخلط مابين الآراء والأشخاص
بينما من الممكن بشيء من التجرد والموضوعية والعقلانية إنتاج حوار مثمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى