رحيل شاعر المليون
مفاكرة – سعود شباب العتيبي:
مساء الثلاثاء الثالث من ديسمبر لعام ٢٠٢٤ م وقبيل شروق شمس الأربعاء الرابع من ذات الشهر، بعيدا عن أنوار المدينة، وصخب الحياة، وعدسات وفلاشات المصورين التي تطارد المشاهير وأثناء رحلة العودة من الصمان، وفي منتصف الرحلة بالقرب من الثمامة، توقفت السيارة ليقرر أعضاء الرحلة تناول طعام العشاء، والاستسلام للنوم في البّر، وبين ألم المرارة وضعف عضلة القلب، وبكل هدوء وعلى فراشه توقف القلب ليضع نقطة النهاية لحياة شاعر المليون صاحب العفوية والسريرة النقية الشاعر عبدالله فيحان السميري فاشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي ذاهلةً متخبطة خبط عشواء بين نفي وإثبات للنبأ ووسط ذهول وهلع، وترقب لما ستأتي به الساعات القادمة!
رأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ
تُمِـتْهُ وَمَنْ تُخْطِئ يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ
لم تحتمل عضلة القلب برد الشتاء القارس، وارتفاع ضغط الحب الأخوي فتوقف النبض لتفيض روحه النقية مودعة جسده، ومن قدر الله وقبل النومة الأخيرة، اهتز جوالي بنغمة واردة عبر الواتس اب قدم لي من خلالها تهنئته بزواج ابني واعتذاره لعدم الحضور، حملت تلك الرسالة نبرات لصوت مودعٍ أضناه الحنين وأجهده ضعف عضلة القلب الذي حمل فيه الحب والتسامح والنقاء ، شاعر البساطة والعفوية والتلقائية منذُ ستة أشهر وهو يعاني ويتحامل على نفسه، حتى أتاه اليقين على فراشه بالبّر فقد كان من مرتاديه وعشاقه حيث كانت نشأته وطفولته في بادية قبيلة “السمرة” ثم استقر مؤخرا بمركز العطيف بمحافظة المويه الجديد .
كسب محبة الناس، بعفويته وطيبته فأحبه المجتمع بكل أطيافه على المستوى المحلي والعربي. كان أول شعراء قبيلة السمرة الذين مثلوا الوطن على منبر شاعر المليون، فأبدع وأمتع وأبهر اللجنة والجمهور، ووضع بصمته على شاطئ الراحة، تاركًا في قلوب الجمهور محبةً جعلته في مصاف قائمة شعراء الخليج.
عبدالله السميري شاعر المليون وفارس الأمسيات وأسطورة المنبر الشعري، صاحب الحضور المبهر والمثير والمنعش للذائقة. عبدالله الشاعر المبدع المؤثر المثقف بالفطرة والمدجج بمفردات اللغة البيضاء، يموت نائما على فراشه هكذا بكل بساطة وهدوء كما هي شخصيته. وأدى جموع المصلين والمشيّعون صلاة الميت عليه بمسجد الراجحي عقب صلاة الظهر يوم الخميس ٥ ديسمبر ٢٠٢٤
وفي مقبرة النسيم التي ضاقت بالمشيعين فاضت المآقي وارتجت المقبرة بآهات وزفرات ودعوات المحبين والمتابعين وجمهور الشعر ومشاهير السوشل ميديا، ارتفعت الأكف ولهجت الألسن؛ فخيم الصمت وأسدل الستار وغاب عبدالله بأول منازل الآخرة بين يدي الغفار. اللهم إنه عبدك وأنت أرحم الراحمين، اللهم فاجعل قبره روضة من رياض الجنة، وحرم وجهه عن النار.