مسبار باركر ينتظر اقترابًا مذهلًا من الشمس
في 24 ديسمبر الجاري، سيحقق مسبار باركر الشمسي إنجازًا تاريخيًا باقترابه من الشمس أكثر من أي وقت مضى، حيث سيصل إلى مسافة أقرب بـ 8 مرات عن مسافة كوكب عطارد من النجم. كما سيحطم المسبار رقمه القياسي في السرعة ليصبح أسرع جسم من صنع الإنسان عندما يمر بالقرب من الشمس، وفق ما نقله موقع “لايف ساينس”.
ورغم أنه من المتوقع أن يقوم المسبار ببعض المناورات النهائية خلال الأشهر الـ12 القادمة، فإن من غير المحتمل أن يقترب أكثر من هذه المرة في يوم الثلاثاء.
تم إطلاق المسبار في 2018 بهدف دراسة الهالة الشمسية عن طريق الطيران من خلالها، وهو ما تحقق لأول مرة في 2021. وقد قام المسبار بعدة مناورة انزلاقية حول الشمس وكوكب الزهرة، ما ساعده في زيادة سرعته واقترابه تدريجيًا من الشمس. حتى الآن، أكمل المسبار 21 مناورة انزلاقية حول الشمس.
ويعتبر المسبار قد اقترب بالفعل من الشمس أكثر من أي مركبة فضائية أخرى في التاريخ، حيث وصل إلى مسافة 4.5 مليون ميل (7.2 مليون كيلومتر) في اقتراباته الأخيرة في أكتوبر 2023 ومارس من العام ذاته. كما حطم المسبار الرقم القياسي لأسرع جسم من صنع الإنسان، حيث وصل إلى سرعة تقدر بحوالي 395,000 ميل في الساعة (635,000 كيلومتر في الساعة)، أي أسرع بـ150 مرة من رصاصة البندقية.
لكن في 24 ديسمبر وفي الساعة 6:53 صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة (الساعة 2:53 مساءً بتوقيت السعودية)، سيقترب المسبار من الشمس لمسافة 3.8 مليون ميل (6.1 مليون كيلومتر)، متجاوزًا سرعته إلى 435,000 ميل في الساعة (700,000 كيلومتر في الساعة)، وفقًا لوكالة ناسا. ولتحقيق ذلك، سيتعين على المسبار تحمل درجات حرارة تتجاوز 2,550 درجة فهرنهايت (1,400 درجة مئوية)، بفضل درع الحرارة القوي الذي يحمي الجهة المواجهة للشمس.
وقال نور راوفي، أستاذ الفلك في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز والعالم المسؤول عن المهمة: “سيكون هذا إنجازًا تاريخيًا للبشرية جمعاء. هذا يعادل هبوط الإنسان على القمر في 1969”.
بدأ المسبار مناورته الحالية في نوفمبر الماضي بعد أن أكمل بنجاح مناورة انزلاقية أخيرة حول كوكب الزهرة، ما منح المسبار الدفع الأخير الذي يحتاجه لتحطيم رقمه القياسي في السرعة.
كما يختتم المسبار عامًا حافلًا بمروره لأول مرة عبر انفجار كتلة إكليلية شمسية، مما أتاح له إلقاء الضوء على لغز قديم يتعلق بكيفية تسخين الهالة الشمسية.
ويتزامن الاقتراب مع ذروة النشاط في الدورة الشمسية التي تستمر 11 عامًا، المعروفة بالحد الأقصى الشمسي، والتي كانت نشطة طوال العام ومن المتوقع أن تستمر حتى 2025. هذا الاقتراب سيتيح للعلماء دراسة تأثير التغييرات في المجال المغناطيسي للشمس على الأرض، والمساعدة في التنبؤ بالطقس الفضائي الذي قد يؤثر على كوكبنا.
من المتوقع أن يستمر مسبار باركر الشمسي في إجراء المزيد من المناورات القريبة من الشمس في 2025، لكن من غير المرجح أن يقترب أكثر من هذه المرة.
بعد ذلك، سينفد وقود المحركات، وسيبدأ المسبار بالتفكك نتيجة تأثير الشمس، لكن درع الحرارة قد يظل في مدار حول الشمس لآلاف السنين.