نتنياهو يختفي في عمق “يوم القيامة”: قيادة إسرائيل تنتقل إلى الأرض المحصنة استعداداً لمواجهة شاملة مع إيران
بين طبقات الأرض العميقة، وتحت خرائط الخوف من حرب إقليمية تتسع رقعتها، دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرحلة “إدارة الأزمة من تحت الأرض” تاركاً المقر الرسمي في شارع بلفور بالقدس، لينتقل إلى ما بات يُعرف داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بـ”حفرة يوم القيامة” – منشأة محصنة مضادة للزلازل والضربات النووية والهجمات السيبرانية، تقع في أعماق جبال القدس الغربية.
في مشهد لا يخلو من رسائل سياسية وعسكرية، باتت غرف الحرب الإسرائيلية افتراضية ومجزّأة، تُدار عبر شاشات مغلقة وشبكات مؤمّنة من أماكن سرية، حيث يظهر نتنياهو ووزراؤه وقادة الجيش من مواقع متفرقة لا يعرفها سوى القليل، خشية “تعقّب استراتيجي” أو استهداف مباشر من قبل طهران أو حلفائها.
صحيفة يديعوت أحرونوت كشفت أن نتنياهو أدار مؤتمره الصحافي الأول بعد اندلاع المواجهة مع إيران من داخل الحفرة، من دون حضور صحافي مباشر، في إشارة إلى انتقال إسرائيل إلى وضع أمني غير اعتيادي.
وتعود “حفرة يوم القيامة” إلى الاستخدام العلني لأول مرة في عام 2018، حين لجأ نتنياهو لاستخدامها لعقد اجتماعات “الكابينت” الأمني بعد حصول تل أبيب على الأرشيف النووي الإيراني، حينها كانت الغاية الحد من التسريبات والتصنت، واليوم أصبحت الملاذ الأخير لصنّاع القرار في وجه سيناريوهات الصراع المفتوح.
الموقع مزوّد بمصاعد عسكرية ضخمة، غرف نوم، صالات طعام ومرافق عمليات، ويُعتبر جزءاً من سلسلة منشآت إسرائيلية تحت الأرض، تربطها شبكة اتصالات مشفرة وآمنة.
أما في تل أبيب، فثمة “حفرة” أخرى داخل مجمع الكرياه – مقر وزارة الدفاع وقيادة الجيش، الذي تعرض لقصف مباشر من حزب الله عام 2024، ولاحقاً لهجوم إيراني في الأسبوع الماضي. الكرياه، التي تتعدى مساحتها 10 آلاف متر مربع، تنقسم إلى جزء مدني وآخر عسكري، وتضم مركز القيادة التشغيلية الأعلى، إضافة لمكاتب كبار القادة السياسيين والعسكريين ومهبط طائرات.
وبحسب الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، فإن إسرائيل لا تكتفي بحفرة واحدة، بل تعتمد شبكة من المواقع السرية تحت الأرض، يتم التحرك بينها بسرية كاملة، وتخضع لبروتوكولات أمنية صارمة، تتيح إدارة حرب شاملة عن بعد، تحت الأرض، وبعيداً عن أعين الأقمار الصناعية.
وأكد أبو عواد أن تلك المواقع ليست تحصينات هندسية فقط، بل تمثل استراتيجية دولة في التعامل مع لحظة مفصلية تخشى فيها إسرائيل من عمليات تصفية لرموزها، أو ضربات مفاجئة على مراكز القرار.
وسط هذه الترتيبات المشددة، بات واضحاً أن إسرائيل لا تتوقع مجرد رد إيراني، بل تتهيأ لاحتمال توسع الحرب إلى مواجهة طويلة ومعقّدة، قد تشمل استهدافات دقيقة للقيادة والرموز، ما يعكس انتقالها من حالة الردع التقليدي إلى “عقيدة الاحتماء المسبق”