صوت المشاعر.. حين يصمت الكلام

هناك مشاعر لا تُبعث برسالة، بل تنساب في نبرة الصوت ..تختبئ في الرجفة الخفيفة، في نغمة الحنين حين يُقال “كيف حالك؟” وكأنها تسأل ألف سؤال دفعة واحدة..وهناك كلمات لا تُقال صريحة، بل تُقرأ في التصرفات ..في الحرص، في التأخير المتعمد أو التوقيت المختار بعناية.. فبعض الحضور أبلغ من ألف اعتذار ..وبعض الغياب لا يحتاج تفسيرًا،
لأنه يصرخ بما عجزت الكلمات عن قوله…
العتاب أحيانًا لا يأتي بصوتٍ عالٍ، بل بصمتٍ طويل..صمتٌ يُشبه صدى جرحٍ لم يُداوَ، لكنه لا يريد أن يُعاد..
العالم ليس كما يبدو ..فما تراه العيون ليس إلا سطحًا .. وما يُخفيه العمق أعظم.
هناك من يشعر بك من نظرة، من تغير نبرة، من تكرار كلمة ..ومنهم من لا يشعر بك ولو صرخت ألف مرة.
القلب لا يُخدع، والإحساس الصادق لا يُكذّب..
هناك من تحادثه طوال الوقت، ولا يفهمك..
وهناك من يصغي لك مرة، فيقرأك كما لو كنت كتابًا مفتوحًا..فن القراءة الحقيقية لا يتطلب عينين، بل حدسًا صافيًا..وإحساسًا يلتقط التفاصيل التي تمر على الآخرين مرور الكرام..فما لا يُقال، أحيانًا يكون أصدق ما فينا..لذلك لا تُرهق نفسك بالشرح دائمًا .. فمن يريد أن يفهمك.. سيشعر بك .. ومن لا يراك إلا بعينيه، فلن يُدركك حتى لو كنت أمامه ألف مرة..ففي هذا العالم الرمادي ..تبقى المشاعر الصادقة خفية..
لا تُعلن نفسها بل تُكتشف.. وتبقى القلوب النقية..
هي الوحيدة القادرة على الفهم دون شرح، وعلى الإحساس دون تصريح ..