صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
مقالات

رحيل لا يشبه الرحيل.. في وداع الزميل أحمد حسن مكي

كتب/ محمد إدريس

باغتنا خبر الرحيل. صمتٌ ثقيل تمدّد في المكان حين وصلنا نبأ وفاة العزيز، الإعلامي والصحفي الأستاذ أحمد حسن مكي، أو كما اعتاد الجميع أن يناديه:” أبو حسن” خبر لا يُستوعب بسهولة، لأن غياب بعض الرجال لا يشي فقط بنقص عدد، بل بانطفاء حضور كان يملأ مساحات من الود والدفء.

أول لقاء جمعني به كان قبل أكثر من عشرة أعوام، مصادفةً لا تُشبه المصادفات العادية. ما إن عرف اسمي حتى ربطه بإخوتي، بعضهم ما زال الله حافظه، وبعضهم سبقنا إلى رحمة الله، كان ذلك بحكم عمله السابق في مكتب صحيفة عكاظ بمكة، حيث عرف الوجوه والأسماء وصادق الزملاء، لكن الغريب أنني شعرت لحظتها أنني أعرفه منذ زمن بعيد، مع أن اللقاء كان الأول. شيء في سريرته البيضاء وأسلوبه الرقيق جعلني أطمئن له كما لو كان من أهل البيت.

ومع مرور الوقت، تشابكت معرفتي به بعد انضمام ابنته “غفران” إلى صحيفة مفاكرة الإلكترونية، فرحبت بذلك، ولم يخب ظني، “غفران” مثّلت الصحيفة خير تمثيل، وكانت امتداداً لروح أبيها في الالتزام والخلق.

ولم تقف الصدفة عنده وحده، بل جمعتني أيضاً بزوجته الإعلامية الكبيرة، بسينه يماني، التي يعرفها الوسط الصحفي جيداً ومن هنا امتدت العلاقة الطيبة لتشمل الأسرة كلها. غادرت غفران الصحيفة لاحقاً، لكن أثرها ظل باقياً، شاهداً على تلك المرحلة، فيما ظل والدها رحمه الله على تواصل دائم معي، بين حين وآخر.

أعترف اليوم أنني قصّرت معه كثيراً، ولم أمنحه ما يستحق من شكر وثناء. وربما لذلك أكتب هذه السطور، إذ شعرت أن الوفاء دين لا بد أن يُؤدى. كانت علاقتي به أكبر من زمالة، وأبعد من مجاملة. كان يحمل محبة صافية امتدت حتى لإخوتي: مصطفى ـ رحمه الله ـ وبدوي ـ أطال الله عمره. كل مرة التقيته فيها، كنت أزداد يقيناً أنه ليس مجرد صديق أو زميل، بل أخٌ من نوع خاص، يفتح قلبه بصدق ويمد يده بود.

رحمك الله يا أبا حسن، وجعل مثواك الجنة، وصيّرك بما دعوت إليه وطلبت. بعض الغياب لا يُقاس بالزمن، لأنه يظل حيّاً في القلب مهما طال الفقد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى