صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
مقالات

ذكرياتنا… حصاد أعمارنا

في عمق كل قلب، تختبئ لحظات لا تُنسى، ذكريات تشبه بذورًا زرعناها في حقول حياتنا، تتفتح أحيانًا زهورًا، وأحيانًا تتحول إلى أشواك تذكرنا بأن كل تجربة، فرحًا كانت أم حزنًا، تصنع منا ما نحن عليه. فالذكريات ليست مجرد صور في العقل، بل هي نبضات الروح التي تشهد أننا عشنا، وأن أعمارنا لم تمر عبثًا…
لخص نزار قباني أثرها الخالد حين قال “قد يرحل الإنسان عن عمره، لكن تبقى ذكرياته عمرًا آخر لا يشيخ”

أحيانًا تتسلل الذكريات القديمة، فتجعلنا نبتسم للحظات جميلة مضت، أو نحزن على أشياء فقدناها. لكنها، مهما كانت حزينة أو فرحة، تُعلّمنا قيمة اللحظة، وتذكرنا بأن الزمن لا ينتظر أحدًا. ومن هنا تأتي الحكمة ..ليس كافيًا أن نتذكر الماضي، بل يجب أن نصنع ذكريات جديدة، لحظات نريد أن تبقى أبدية في قلوبنا وقلوب من نحب…

قال ألبير كامو: ليس من المهم أن نعيش طويلًا، بل أن نترك أثرًا، فالذكريات هي أثرنا الحقيقي في هذه الحياة. ..
وأكدت ج. ك. رولينج: الأشياء التي نتذكرها هي ما تشكلنا، وكل ابتسامة، كل دمعة، وكل لحظة صمت، تترك بصمة في شخصيتنا..

صنع الذكريات يعني أن نعيش حاضرنا بوعي، نحب من القلب، نضحك بلا قيود، نغامر بلا خوف، ونحتفل بالحظات الصغيرة التي قد تتحول غدًا إلى كنوز لا تُقدّر بثمن… كل يوم هو فرصة لزرع لحظة جديدة، كل لقاء فرصة لصنع ابتسامة تبقى، وكل تجربة فرصة لأن نصبح أعمق وأغنى ..
وقد عبّر جبران خليل جبران عن هذا المعنى بقوله ” الذكريات صور لا تغيب، نخبئها في أعماقنا لنستعيد دفئها حين يبرد الحاضر”

فالذكريات التي نصنعها اليوم، هي حصاد أعمارنا غدًا… تذكّرنا بأن حياتنا كانت مليئة بالمعنى، وأن قلوبنا كانت حاضرة، لا مجرد شاهدة على مرور الأيام.

قال أبو تمام .. “وطَولُ مُقامِ المَرءِ في الحَيِّ مُخلِقٌ … لَدَيهِ، وجَديُّ الذِّكرياتِ جَديدُ، فالزمن قد يُبلي الأشياء لكنه لا يزيد الذكريات إلا حياةً وبهاء”
فهي الزهرة التي لا تذبل في حديقة الروح، وصدى الأيام التي عشناها بكل مشاعرها، فرحًا وحزنًا، حبًا وفقدًا… وتجعلنا نشعر بأننا عشنا بعمق، وأن لحظاتنا لم تضيع سدى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى