شمس وظل
على غير ما اعتاد عليه.. استأذن من أخيه لزيارته.. إنه الأخ الأصغر لم يكن لهذا أن يحدث..
أوجس أخوه في نفسه خيفة وأخذ يقلب الأمور.. ربما يحتاج فوجد حرجاً في أن يستدعيه ففضل أن يأتي إليه.. أو أنه استمع عنه ما أغضبه..
حاول أن يستنتج فلم يفلح في تفسير هذه الزيارة..
انتظره على ملل قائلاً في نفسه.. إذا هبت أمراً فقع فيه، فإن الانتظار أمرّ من الوقوع فيه..
تأخر وأتاه بعد طول انتظار..
قابله هاشّاً باشّاً مرحّباً شاكراً له قائلاً له.. أنا آتيك فأنت الأحق مني..
قال له.. جئتك لأمر فكرت فيه فلم أجد غيرك لإنهائه..
قال له.. خيراً..
قال الأخ الأكبر.. لقد وقع خلاف بيني وبين زوجتي وأرجوك أن تأتي معي وتصلح هذا.. فإنها عاتبة عليّ جداً وأشعر بضيق شديد.. فهي الحنونة الخدومة المطيعة.. ولم أرَ منها إلا الخير..
فإنها تسرّني عندما أراها.. وعندما تراني أشعر كأنها ترى أحسن مما أرى.. وتحس أكثر مما أحس..
إنها يا أخي تتوافق دائماً إرادتها مع إرادتي.. لا نفور ولا تغار مني..
يا أخي.. وأنت الأخ الأقرب إنها فنّ قلبي..
قال له.. ماذا فعلت؟!..
قال.. لا تسألني..
ذهبا سوياً فاستأذن..
قابلتهما بترحاب..
قال لها أخوه.. لا أشرب القهوة ولا أطعم طعامك حتى تخبريني ما هو موقفك ورأيك في أخي هذا..
فإني قد أتيتُ لكي أشكوه وبحضوره عندك.. وإني لأقبل منك وَبِحُكْمِكِ.. وهو معي لا غيبَ ولا نميمة..
قالت.. إن هذا زوجي وإنه عندي مزيل الضجر.. فإن النظر في وجهه وفكره هو السكينة بعينيها.. إن أيامي معه تضع الغرام في العين كحلاً جميلاً..
لا تقل شيئاً واشرب قهوتك فلستُ منحازةً لرأيك.. فإنه لي الأخ والصديق.. وإني ضعيفة من غيره.. فهو معونتي فاذهب في شكواك إلى غيري..
أستودعك الله..
قال الأخ الأكبر.. لقد زدت الطين بلة.. فإن كلماتها هي السياط الرحيمة..
عليك بالمغادرة والدعاء لي.. فبالرغم من قلقي واضطراب فكري فإني أسعى وراء طمأنينة فرّت من قلبي..
أقبلت عليهما قائلة.. ليس من الإنصاف أن تأتي إلينا ولا نكرمك..
فقد رضينا بما جئت له.. وأرجو أن يرضى عنك.. فقد نجحت مهمتك وجزاك الله عنّا خيراً.. واستر ما واجهت..
فإننا أسيران متوشحان بشجر الربيع..