صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
مقالات

خذلان الظلال ..

في إحدى المقابلات التلفزيونية، أثار فضولي وصف الشاعر سعد علوش للرقي في الخذلان، وهو يستشهد ببيتٍ بديع للشاعر مساعد الرشيدي:
“أركيت ظهري على ظل الجبل لكن ما جت مواعيد ظله مع مواعيدي”

هذا البيت يلخص صورة إنسانية عميقة .. نعتمد على الآخرين، نتوقع الوفاء والمساندة، ثم نصطدم حين لا تتطابق وعودهم مع توقعاتنا … هنا يصبح وقع الخذلان أثقل، لكنه في الوقت نفسه يفتح أمامنا بابًا لفهم جديد، ووعيًا بقيمة الرقي الداخلي ..

الخذلان يبدأ أحيانًا منّا نحن، حين نُسيء التقدير، فنتعامل بعيون الأمل لا بعيون الحقيقة. ومع مرور الزمن، تتكشف الصورة على حقيقتها، فيصيبنا الألم. وكما قال نجيب محفوظ ..
“أصعب خذلان هو أن تأتيك الطعنة من يدٍ ظننتها سيفك.”
وهذا يعكس أن الجرح الأكبر ليس في الطعنة نفسها، بل في ثقل الثقة التي خابت ..

ويُكمل الأمير عبد الرحمن بن مساعد هذه الرؤية بعبارة تلخص المعنى الأسمى للرقي:
“القلب الكبير هو الذي يتألم لكنه لا يكره، يُخذل لكنه لا ينتقم، يحب بلا شروط ويصبر بلا حدود.”

الرقي في الخذلان ..أن يتحول الألم إلى مرارة .. مهما كان عميقًا، لا ينتقص من قيمة مشاعرنا، بل يجعلنا أكثر قوة ونضجًا. وكما قال مصطفى صادق الرافعي:
“الخذلان يُعلّمنا أن نُحسن اختيار قلوبنا قبل أن نُسلِّمها.”
إنه درس نرتقي به لفهم العلاقات والمشاعر، لنحافظ على أصالة قلوبنا ورقتها، حتى في مواجهة خيبة الأمل..لا يعني أن نبرر خيباتنا في الآخرين، بل أن نصون نقاء قلوبنا ونمضي في الحياة بحبٍ أكبر ووعيٍ أعمق. فحتى لو خذلنا الظل يومًا، تبقى قلوبنا هي النور الذي لا ينطفئ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى