صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
مقالات

حقائب أبنائنا.. انعكاس قيمنا

مع بداية كل عام دراسي جديد، ينشغل الآباء والأمهات بتجهيز الحقائب والكتب والأدوات، وهم يودّعون صيفًا ويستقبلون فصلًا جديدًا من الجدّ والاجتهاد. غير أن ما يغيب عن كثيرين هو أن الحقائب لا تُحمل الكتب وحدها، بل يجب أن تُحمَّل ما هو أثمن وأبقى ..القيم والمبادئ.

فالمدرسة ليست جدرانًا وصفوفًا فحسب، بل محراب علم يُرفع فيه قدرُ الإنسان بالمعرفة ومنزلة العلم لا تكتمل إلا بأدبٍ يزينه، وقد قال أبو زكريا العنبري:
“العلم بلا أدب كنار بلا حطب، وأدب بلا علم كروح بلا جسد.”

كما قال أفلاطون: “التربية هي التي تجعل الإنسان إنسانًا” مؤكّدًا على أن العلم وحده لا يصنع الإنسان، بل التربية والقيم هما الأساس…

المعلم ليس مجرد ناقلٍ للمعلومة، بل هو قدوة وموجّه للأجيال، يحمل رسالة سامية قِوامها التربية قبل التعليم. فكلمة من المعلم قد تفتح أبواب الأمل في قلب طالب، ونظرة احترام قد تصنع أثرًا لا يُمحى في نفسه. كما قال ابن خلدون: “التعليم الجيد هو الذي يربّي النفوس قبل العقول.”

الزملاء والأقران ليسوا مجرد جالسين على مقاعد متجاورة، بل هم أوّل مجتمع صغير يتعلم فيه أبناؤنا معنى الصداقة والمشاركة والتسامح. وهنا يأتي دورنا كآباء وأمهات: أن نرشد أبناءنا إلى حسن الخلق، ونعلمهم التعامل مع الآخرين بتوازن؛ فيتعلّمون متى يتسامحون ومتى يتمسكون بحقوقهم…

سلوكيات ألابناء.. هي انعكاس مباشر لأسرتهم وبيئتهم الأولى؛ فما يرونه في بيوتهم من قدوة وما يترسخ فيهم من ممارسات يومية تظهر في تعاملهم مع معلميهم وزملائهم. فالبيت هو المدرسة الأولى، والأسرة هي المرآة التي تنعكس فيها القيم. وقد لخّص أمير الشعراء أحمد شوقي هذه الحقيقة بقوله:
“وإذا أُصيب القومُ في أخلاقهم
فأقِمْ عليهم مأتمًا وعويلا”

كما قال المهاتما غاندي: “إن كنت تريد أن يقدّر أولادك الخير، كن أنت قدوة لهم.”

الأخلاق التي تُغرس في البيت هي البذرة التي تُثمر في المجتمع، والرصيد الحقيقي الذي يحمله الأبناء في حياتهم. حين نغرس القيم في نفوس أبنائنا، نزودهم بما لا يُشترى ولا يُستهلك، زادًا يحميهم في دروب الحياة. فالعلم بلا خلق قد يكون وبالًا، أما العلم المقترن بالأدب فهو الذي يصنع الإنسان النافع لنفسه ولمجتمعه ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى