من الألم تولد القوة… ومن القوة يولد الأمل ..
أعظم قوة هي تلك التي تنبع من داخلنا، القوة التي تظهر حين ننهض من أطلالنا، ونبتعد بإرادتنا عن كل ما أرهقنا. هناك لحظات تُجبرنا على مواجهة ما لم نتوقعه، فنشعر بالضعف في البداية، لكننا مع الوقت نكتشف ينبوعًا من الصمود لم نكن ندرك وجوده. فالقوة ليست في الصوت العالي ولا في التحدي الظاهر، بل في الصمت حين يكون الرد انتقاصًا من مكانتنا، وفي القدرة على تجاوز أشخاص لم يدركوا قيمتنا، وفي مواجهة أوقات عصيبة حاولت أن تطفئ بريق أرواحنا…
في محطات الحياة، لا أحد يخرج منها بلا عثرات أو انكسارات. لكن الفرق الحقيقي بين الضعف والقوة يكمن في كيفية التعامل معها. فالعثرات ليست نهاية، بل هي حجارة نصعد بها نحو القمة. كل سقوط يمكن أن يتحول إلى سلم، وكل وجع إلى طاقة تدفعنا نحو الأمام…
تبلغ القوة الحقيقية ذروتها حين نتحمل أثقال المسؤوليات، وندفع ثمن قرارات باهظة. ورغم قسوة التجارب، فإنها وحدها تصوغ هويتنا وتكشف جوهرنا الحقيقي. كما قال باولو كويلو: “الانكسارات هي التي تصنعك، لا الانتصارات.” ويؤكد هيلين كيلر هذا المعنى: “العالم مليء بالمعاناة، لكنه مليء أيضًا بالتغلب عليها.” فالمعاناة لا تتركنا كما نحن، بل تدفعنا لاكتشاف أعماق لم نكن نعلم بوجودها داخلنا.
وجلال الدين الرومي عبّر عن ذلك ببراعة حين قال: “الجروح هي المكان الذي يدخل منه النور إليك”
القوة ليست أن نخرج سالمين من التجارب، بل أن نصمد رغم جراحها، نصنع من كل وجع درسًا، ومن كل سقوط نهضة، ومن كل خوف شجاعة. نصبح أقوى حين نجمع شتات انكساراتنا لنرتقي بها، ونصوغ منها ملامح الغد الذي نريد، ونكتشف في أعماقنا قوة خفية لا تُقهَر، تصنع منا نسخة أفضل من أنفسنا…
وهنا يولد الأمل، يشرق كالفجر بعد ليل طويل، ليخبرنا أن الغد دائمًا أجمل، وأن ما فقدناه لم يكن إلا طريقًا لما هو أعظم ينتظرنا ….