سلاماً أيها الراحل المقيم الكبير
كتبها/الأمير بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود
صحيح: الزمن كالأجل، يمضي بوتيرة ثابتة، لا يتقدم ولا يتأخر، غير أنه يمضي ثقيلاً بطيئاً مرهقاً لدى من يعانون أوجاعه بفقدانهم رحيل أعزاء كبار، كانوا ذات يوم كل شيء في حياتهم، ملء السمع والبصر، فخلفوا على كل حال، شُقة الآلام الماضية في خلفه إلى يوم البعث والنشور، فليس لنا إلا التسليم لقضاء الله وقدره، طائعين مختارين منقادين.
لقد رجعت نفس والدي الحبيب الغالي عبد العزيز بن عبد الله بن الإمام تركي آل سعود، راضية مرضية إن شاء الله إلى ربها، بعد أيام قلائل من يوم الجمعة السادس من شهر سبتمبر الميلادي الحالي، الموافق ليوم الثالث عشر من شهر صفر لعام ألف وأربعمائة سبعة وأربعين هجرية، ليكون فقدي له عظيماً لا يجبره إلا الصبر الجميل.
وسيبقى الألم على فقده والدي الكبير ممتداً إلى ما شاء الله، مقروناً بذكراه العطرة، وليبقى خالداً بيننا بأعماله وأفعاله، بما كان يتمتع به من كمال بالتمام والكمال، والفضل والشمائل، فلا أجد في وفاته إلا الرضا صبراً لا بد منه، أنزل ما ألم مقبلاً راضياً، بل سيظل قائماً إلى أن ألقى الله، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه، وينزله منازل الصالحين، في جنات النعيم، ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ليس محزناً موت العظماء بقدر ما هو محزن توقف العطاء وانقطاع الرجاء، بل إن مصيبة الموت تهون إذا قابلناها بالإيمان، ورضينا بالقدر المحتوم، وإن والدنا فقيدنا عبد العزيز بن عبد الله بن تركي آل سعود، ترك إرثاً حافلاً بالعطاء، حياً وميتاً، ومنارة خالدة، ومسيرة طويلة، وإن غاب عنا بجسده فهو حاضر فينا بسيرته، التي ستبقى عالقة في وجداننا.
أعزائي وأحبائي، لا أقول إن مصابنا جلل، لكن من كرام الناس يهون، فلقد فوجئت بمن غمرني بمشاعر صادقة لا يسعني إلا أن أقدرها تقديراً كبيراً، شكراً لكل من واسانا مواساة مسؤولة، ولتكن مواساتكم لوالدي دعاءً خالصاً له بالمغفرة، فقد كان أباً رحيماً حنوناً، فكونوا عند حسن ظن الناس بكم، إذ ليس أسوأ من يخيّب ظن الناس فيه، كونوا بخيركم اليوم أحسن مما كان عليه أمس.
فأرجو شاكراً ومقدراً من كل الأهل والأقارب والمعارف والأصدقاء والزملاء وكل عزيز لدي أن تبلغ رسالتي هذه في هذا اليوم المبارك، في الدعاء لوالدي، علها تصادف ساعة الاستجابة، فيقبلها ربها، ويكون للداعي بمثلها.
فاللهم إني أسألك في هذه الساعة المباركة، من هذا اليوم المبارك، أن تغفر لوالدي وأن ترحمه، بل أقول برحمتك أرحم وأعظم، بل بقدرتك رحمتك التي وسعت كل شيء، فاجعله من أهل الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا تفصله عن أحبته وذويه، وذلك إنك يا وجهك الكريم يا أرحم الراحمين، حتى نتوالى برحمتك جميع موتى المسلمين، اللهم آمين.
مع جزيل شكري وصادق تقديري للجميع، ودعائي أن يديمكم الله مكرمين في عزيز لديكم.