صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
مقالات

.

شمس وظل

بلغ من العمر عتياً.. وقد كانت أسرته من البنات السبعة وزوجته.. يعيشوا حياة فيها رضاً وسعادة وقناعة..
تزوجت البنات.. وكن يسرن على نهج والدتهن ووالدهن..
مطيعات مهذبات.. تغمرهن أخلاق القبول والتسامح والتجاوز..
تتفاوت مكانتهن المالية.. ومع هذا كلهن في سعادة.. لا غيرة ولا حسد ولا تناقض في الرأي..
الاحترام يسود والاهتمام مؤكد..
ماتت أمهن التي كانت تجمع بناتها بأريحيتها وابتسامتها وفرحتها بهن..
ففي كل أسبوع يوماً للاجتماع بهن وبأولادهن وبناتهن..
إنه يوم التلاقي.. ينتظرنه من كل أسبوع ولا يتأخر عنه أي منهن..
اجتمعن عدة أسابيع كالمتبع.. ولكن البهجة لم تكن كما كانت.. فقد غابت التي كانت تواسيهن وتنصحهن وتتواصل معهن..
فاحتضن أباهن وأعطينه كل الحنان والمحبة..
حضر الجمعة وقال ضاحكاً.. أصبحت وحيداً وقد تجاوزت العقد الثامن وإني أنظر إليكن شاعراً بأني قد أقول لكن ما يزعجكن.. فإن وافقتن لي أن أتزوج..
فذاك كرم منكن.. وإن اتفقتن على ألا أتزوج.. فذاك حقكن ولكن..
ساد صمت شديد غير معهود.. أستأذن ليقضي حاجة متعمداً أن يترك لهن الاختيار..
عاد بعد وقت قصير لا يتجاوز الدقائق.. قابلنه بالموافقة على ذلك..
واقترحن له سيدة في الخامسة والخمسين من عمرها من داخل العائلة ولم تتزوج..
قال لهن.. أسألنها.. وأعلمنها بأني رجل ممن ربما رغبتها قد لا تحققها قدرتي..
ضحكن جميعاً وأثنين على أخلاق أبيهن.. وأن لها دور معين في خدمته والاهتمام به..
تزوج في حفل بسيط.. اجتمع فيه بناته وأحفاده وأصهاره..
كانت ليلة فرح وأنس وسعادة.. وهو يدعو لهم ويشكر الله تعالى على عطائه ومنه وفضله..
لوحظ عليه أنه قد غير لون شعره الأبيض ولحيته.. وأصبح أكثر أناقة وحيوية.. وسعادة ومشاركة.. كانت سعادتهن به كبيرة.. فقد كان حبهن له يفوق كل الأفكار المحتملة..
فوجئن بأن زوجته حامل.. خافوا عليها من الحمل المتأخر فقمن بالاتفاق معها على زيارة الأطباء والتأكد من سلامة الحمل..
فاتضح لهن أن هناك عيباً خلقياً في الطفل.. وأن استمراره قد يؤدي إلى وفاة والدته أو أن يكون معاقاً..
ولكنها رفضت التخلي عنه.. وهنا وقف الأب مع زوجته تاركاً الأمر لله..
قدم الطفل للحياة.. لقد كان ذكراً.. فرحن به جميعاً..
وفي جلسة عائلية سادتها المحبة والسكينة قال لهن.. هذا أخوكن أمانة في رقبتكن..
اعتنين به وأكرمنه.. وهذه أمه أكرمنها كما كنتن تكرمن أمكن.. ودعا لهن بالتوفيق..
لم يمكث طويلاً.. فقد مات وابنه عمره سنتان..
حزنت العائلة كلها.. وتحصلوا على إرثهم.. واختفت الاجتماعات..
وفي أخر اجتماع لهن.. أتت زوجة أبيهن ومعها ابنها الصغير قائلة لهن..
تشرفونني غداً على زواجي.. واستاذنت..
ذهلن جميعاً.. وتطاولت إحداهن.. من هذا السعيد الذي اختارك؟..
قالت.. رجل كبير في السن.. اخترته ووافقت عليه.. لأكرر التجربة الأولى مع والدكن..
فلقد كانت سعيدة في أولها.. وفي أخرها خير ورثته..
ليه ما أكررها؟!..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى