صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
آخر الأخبار

السعودية وموقفها التاريخي من القضية الفلسطينية: ثبات في المبادئ وتعزيز للمسارات الدولية

منذ بدايات القرن العشرين، شكّلت القضية الفلسطينية أحد أعقد ملفات المنطقة وأكثرها تأثيرًا في مستقبل الشرق الأوسط. ومع تصاعد الهجرات اليهودية إلى فلسطين إبّان الانتداب البريطاني واندلاع المواجهات المسلحة، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) عام 1947 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع تدويل القدس، لكنه لم يُنفَّذ لتندلع الحروب المتعاقبة التي أسفرت عن اتساع السيطرة الإسرائيلية، وتحولت القضية منذ ذلك الحين إلى محور الصراع العربي – الإسرائيلي ومركز الاهتمام الدولي. وفي هذا السياق، وضعت المملكة العربية السعودية القضية الفلسطينية في صدارة أولويات سياستها الخارجية، تأكيدًا على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وحماية المدنيين والأبرياء.

مواقف ملوك المملكة المتتابعة

ترجمت المملكة مواقفها الراسخة تجاه فلسطين إلى خطوات عملية عبر العقود. ففي عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- شاركت المملكة في مؤتمر لندن حول فلسطين عام 1939، كما أرسلت أبناءها للمشاركة في حرب 1948. واستمر الدعم في عهد الملك سعود -رحمه الله- الذي حرص على مساندة الفلسطينيين سياسيًا وإنسانيًا. أما الملك فيصل -رحمه الله- فقد أعطى للقضية بعدها الإسلامي الأشمل من خلال القمة الإسلامية الأولى عام 1969 عقب حريق المسجد الأقصى. وتوالت المواقف الداعمة في عهد الملك خالد -رحمه الله-، ثم الملك فهد -رحمه الله- الذي أطلق مبادرة السلام عام 1981 وتحوّلت لاحقًا إلى “خطة السلام العربية” في قمة فاس 1982. وفي عهد الملك عبدالله -رحمه الله-، جاءت “المبادرة العربية للسلام” في قمة بيروت 2002 لتضع تصورًا شاملًا للتسوية على أساس الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967.

ومع تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- استمر النهج الثابت، إذ حملت القمة العربية التاسعة والعشرون في الظهران عام 2018 اسم “قمة القدس”، وأكدت المملكة خلالها التزامها السياسي والاقتصادي بدعم فلسطين، بما في ذلك تخصيص دعم مباشر للأوقاف الإسلامية في القدس ووكالة “الأونروا”.

جهود دولية لتعزيز حل الدولتين

واصلت المملكة تعزيز حضورها الدولي لنصرة فلسطين، حيث أعلن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان في سبتمبر 2024 إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين” بمشاركة عربية وإسلامية ودولية واسعة. كما رحّبت المملكة بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدة أن هذه الخطوات تعزز المسار الدولي نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وفي أكتوبر 2024 استضافت المملكة الاجتماع الأول للتحالف، ثم شاركت مع فرنسا في قيادة التحضيرات للمؤتمر الدولي الرفيع المستوى بمقر الأمم المتحدة عام 2025، الذي خرج بوثيقة ختامية نصت على إنهاء الحرب في غزة، والانطلاق نحو تسوية عادلة ودائمة على أساس حل الدولتين، إلى جانب برامج دعم اقتصادي وإنساني تعزز مؤسسات الدولة الفلسطينية المستقبلية. وقد تُوجت هذه الجهود بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 سبتمبر 2025 اعتماد “إعلان نيويورك” المؤيد لحل الدولتين بأغلبية 142 صوتًا.

رؤية ولي العهد وتأكيد الثوابت

في كلمته أمام مجلس الشورى في 10 سبتمبر 2025، أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- أن “المبادرة العربية للسلام” باتت إطارًا دوليًا لتحقيق الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الجهود السعودية أثمرت عن اعتراف متزايد بفلسطين، وعن حشد غير مسبوق لدعم حل الدولتين في مؤتمر نيويورك.

وبذلك تواصل المملكة العربية السعودية التزامها التاريخي والإنساني والسياسي بدعم الشعب الفلسطيني، وترسيخ حل الدولتين باعتباره حجر الزاوية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، داعية جميع الدول المحبة للسلام إلى الانضمام للتحالف الدولي والعمل على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى