اليوم الوطني السعودي: ذكرى الوحدة والفخر
بقلم : د.أنور علي بخرجي
المحامي والمستشار القانوني
إنه اليوم الوطني، الذي يصادف الثالث والعشرين من سبتمبر، ذكرى توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود في عام 1932. وهذا اليوم ليس مجرد عطلة، بل رمز للوحدة والانتماء.
في هذا اليوم، تتجلى روح التكاتف. العائلات تجتمع، والأصدقاء يتبادلون التهاني، وتُقام الفعاليات الثقافية التي تروي قصص البطولات والتضحيات التي صنعت هذا الوطن. من عروض الطائرات في السماء إلى الألعاب النارية التي تضيء الليل، كل لحظة تعبر عن الفخر بالإنجازات التي حققتها المملكة. رؤية 2030 تضيف بُعدًا جديدًا للاحتفال، حيث يتطلع الجميع نحو مستقبل مزدهر.
بينما كنت أشاهد الأطفال يركضون حاملين الأعلام الصغيرة، شعرت بقلبي يمتلئ بالامتنان. اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى، بل تجديد للعهد بالحفاظ على هذا الإرث العظيم. إنه يوم نستذكر فيه ماضٍ مجيد، ونحلم بغدٍ مشرق، موحدين تحت راية واحدة، راية المملكة العربية السعودية.
وفي هذا اليوم يسعدنا أن نلقي الضوء على ما جاء خطاب ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في الكلمة افتتاحية أمام أعضاء مجلس الشورى في السنة الثانية من الدورة التاسعة، يوم 10 سبتمبر 2025. حيث أنه ركز الخطاب على الإنجازات الاقتصادية ضمن رؤية المملكة 2030، مشدداً على التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية، مع ذكر أرقام محددة تعكس التقدم الملموس في مواجهة التحديات العالمية.
حيث أبرز الأمير محمد بن سلمان أن الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي تجاوز 4.5 تريليون ريال سعودي، ما يعادل حوالي 1.2 تريليون دولار أمريكي، مما يعكس نمواً قوياً مدعوماً بسياسات مالية متوازنة. وفي خطوة تاريخية، أعلن أن الأنشطة غير النفطية ساهمت بنسبة 56% من هذا الناتج لأول مرة في تاريخ المملكة، مقارنة بنسبة أقل سابقاً تعتمد بشكل أكبر على النفط. هذا التنويع يعزز الاستقلالية الاقتصادية ويقلل الاعتماد على مصدر إيرادات متذبذب، كما أكد سموه، مشيراً إلى أن هذه الإنجازات جعلت السعودية وجهة استثمارية عالمية.
كما لمس الخطاب الجوانب الاجتماعية المرتبطة بالاقتصاد، حيث وصلت نسبة البطالة إلى أدنى مستوياتها التاريخية، مع ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أعلى درجاتها، وانخفاض نسبة محدودي الدخل. هذه الأرقام تؤكد نجاح الرؤية في خلق فرص وظيفية متنوعة، خاصة في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، حيث أشار الأمير إلى اتفاقيات حديثة تجعل المملكة مركزاً عالمياً لهذه المجالات خلال السنوات المقبلة.
بالإضافة إلى ذلك، تناول الخطاب تحديات مثل ارتفاع أسعار العقارات السكنية في بعض المناطق بسبب النمو الاقتصادي السريع، مؤكداً وضع سياسات لإعادة التوازن وتشجيع الاستثمار العقاري لتوفير خيارات سكنية ميسورة. هذه الإجراءات تكمل جهود بناء اقتصاد صلب يدعم التنمية المستدامة، مع التركيز على تعزيز البنية التحتية والقدرات الدفاعية.
ويُعد هذا الخطاب خارطة طريق للمستقبل، حيث يُظهر كيف ساهمت رؤية 2030 في تحقيق أهداف قبل موعدها، مما يعزز الثقة في قدرة السعودية على مواجهة التقلبات العالمية. الإنجازات الرقمية المذكورة ليست مجرد أرقام، بل دليل على تحول جذري نحو اقتصاد متنوع وشامل يرفع رفاهية المواطنين.