.
حين يخفت البريق ..
يُقال إن الشغف هو الشرارة الأولى لأي نجاح .. وهو الوقود الذي يجعلنا نستمر رغم العثرات. وكما قال نيتشه: “من يملك سببًا يعيش من أجله، يستطيع أن يتحمل أي شيء.” لكن ماذا يحدث حين يبهت هذا البريق ونفقد رغبتنا في السعي؟
فقدان الشغف لا يأتي فجأة، بل يتسلل ببطء حتى نجد أنفسنا محاطين بالفتور واللامبالاة. الروتين قد يحوّل الحياة إلى نسخة مكررة بلا معنى، وكما قال جبران خليل جبران: “الملل يولد من تكرار ما اعتدناه، بينما الحياة تنبض بالتجدد.” ويزيد الأمر سوءًا غياب الهدف، فالإنسان الذي لا يعرف لماذا يفعل ما يفعل يشبه من يبحر بلا بوصلة، وقد حذر سقراط منذ قرون: “الحياة غير المفحوصة لا تستحق أن تُعاش.”
أحيانًا يكون الإرهاق النفسي والجسدي سببًا في إطفاء الشعور، وفشل متكرر قد يدفعنا للاستسلام، بينما يقول كونفوشيوس: “أعظم مجد في الحياة لا يكمن في عدم السقوط أبدًا، بل في النهوض بعد كل سقوط.” ومن أكثر ما يُضعف الشغف المقارنات مع الآخرين، كما قال روزفلت: “المقارنة هي لص الفرح.” ومع ذلك، قد يكون انطفاء الشغف انعكاسًا طبيعيًا لتغيراتنا الداخلية.
ومع ذلك، يبقى الشغف كامنًا في الداخل، ينتظر من يوقظه. نستعيده بالعودة إلى الذات، بالاستماع لصوتنا الداخلي، وبخطوات صغيرة نمنحها فرصة للإنجاز. كما قال إيمرسون: “الشغف يولد حين تستمع إلى صوتك الداخلي، لا حين تتبع ضجيج الآخرين.”
إعادة إشعال الشرارة تبدأ بكسر الروتين، بالامتنان، وبالتوازن بين العمل والراحة. ومن لم يرَ الجمال في الأشياء الصغيرة، لن يراه في الكبيرة.
في النهاية، فقدان الشغف ليس سوى نداء لإعادة النظر في مسارنا. قد يخفت البريق لكنه لا ينطفئ، ومتى ما اعتنينا به عاد ليضيء من جديد. وكما قال طاغور: “دع حياتك تتألق كالشمس، فالعالم يحتاج إلى دفء شغفك.”
فلنجعل من الشغف عادة يومية، فهو سر الاستمرار ووقود الروح، والهدية التي تجعل لكل يوم معنى يستحق أن يُعاش ..