صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
آخر الأخبار

“حان وقت التوقّف”: تصادم على الخطّ بين واشنطن وتل أبيب بعد إعلان ترامب خطة مكوّنة من 21 نقطة — قراءة تحليلية في السيناريوهات والدوافع

مفاكرة – نيوز

 

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوضوح أنها لن تسمح لإسرائيل بضمّ أجزاء من الضفّة الغربية، في تصريح وصفي حادّ قابله تباين ردود الأفعال داخل الحكومة الإسرائيلية وتحفّظ من قادتها. قال ترامب للمراسلين في المكتب البيضاوي إنه «لن أسمح بضمّ الضفة الغربية… لقد كان يكفي، حان وقت التوقف الآن».

الحدث لم يأتِ بمعزل عن مبادرة دبلوماسية أوسع قدّمها البيت الأبيض على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة: خطة أميركية للسلام من «21 نقطة» تهدف إلى وقف دائم لإطلاق النار، الإفراج عن الأسرى، انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من كامل قطاع غزة، وإنشاء آلية حكم مؤقتة بلا حماس تشمل مشاركة فلسطينية وإشراف دولي وقوة أمنية دولية وإسهامات تمويلية عربية وإسلامية لإعادة الإعمار. عرضت إدارة ترامب هذه البنود على قادة دول عربية وإسلامية، فيما عبّر مبعوث واشنطن الخاص عن تفاؤل بحصول «اختراق» خلال الأيام المقبلة.

على الأرض السياسية الإسرائيلية تباينت المواقف: مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اكتفى بالإعلان أنه سيتناول تصريح ترامب بعد عودته إلى إسرائيل، في مؤشر إلى حرصه على إتاحة مساحة للحوار الداخلي داخل تحالفه قبل إصدار موقف نهائي.

لكن المعادلة الداخلية في تل أبيب معقّدة: قادة اليمين في الحكومة يمارسون ضغوطاً قوية على نتنياهو لفرض مزيد من الضمّ أو إحكام السيطرة الإدارية والأمنية على الضفة، وهو ما يجعل أي تنازل أو تقارب مع فكرة إدارة فلسطينية مؤقتة لقطاع غزة أمراً محلّ خلاف داخلي كبير. تقارير إسرائيلية مسؤولة عن لقاءات مكثفة بين مقربين من نتنياهو ومبعوثي واشنطن لبحث بنود الخطة، فيما يُظهر رئيس الوزراء تحفظات واضحة على بنود لا تُلزِم بنزع سلاح حماس قبل انتهاء الحرب ومشاركة السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع.

من زاوية واشنطن، خطوة تقييدية على طموحات بعض الفصائل الإسرائيلية في الضفة تحمل أبعاداً استراتيجية: أولاً تهدف للحفاظ على مسار دولي قد يقود إلى توافق إقليمي حول حلّ مرحليّ وانتقال سياسي يُجنّب المنطقة انفتاح أوسع على صدامات مع دول عربية قد تُعيد النظر في اتفاقات تطبيع (مثل «اتفاقات إبراهيم») إذا ما أُقدِمَت إسرائيل على مقرّرات أحادية تقوّض الأفق الفلسطيني. ثانياً، رؤية واشنطن تحاول ربط ملف الأمن والإنقاذ الإنساني في غزة بسياق سياسي يعيد إنتاج مؤسّسات مدنية مقبولة إقليمياً ودولياً.

تفاصيل الخطة والآليات المقترحة — كما رُفعت إلى قادة إقليميين — تشتمل على نقاط عملية: وقف دائم لإطلاق النار، آليات لإعادة الأسرى والمفقودين، انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة، تشكيل إدارة مدنية فلسطينية تحت إشراف دولي مع قوة أمنية مشتركة، وبرامج تمويل عربية وإسلامية لإعادة الإعمار. لكن حتى الآن لم تُنشر بعد نسخة رسمية كاملة ومفصّلة نصّاً من البيت الأبيض، ما يترك هامشاً واسعاً لتأويلات ومفاوضات تقنية وسياسية بين الأطراف.

سيناريوهات محتملة قابلة للحدوث في الأيام المقبلة (تحليل سريع بخبرة ميدانية):

  1. قبول إسرائيلي جزئي مع شروط تحفظية: نتنياهو يقبل بعض بنود إنهاء الحرب والإنسانيات (مقايضة بالقيود) مع الحفاظ على «تفويضات أمنية» واسعة، ما يتيح تقدماً سريعاً في ملف الأسرى والإغاثة، لكنه يبقي ملف الضفة مفتوحاً للنقاش.

  2. تصعيد سياسي بين واشنطن وتل أبيب: رفض تحالف اليمين لشرطيات الخطة يدفع إلى مواجهة دبلوماسية قد تُضعف نفوذ نتنياهو داخلياً وتفتح باب ضغوط أميركية متزايدة.

  3. تحوّل إقليمي تفاوضي: الضغوط العربية والأوروبية على تل أبيب تُؤدي إلى تبلور صيغة انتقالية تقبل بها إسرائيل تحت رقابة دولية وتلتزم بخارطة طريق لوقف التصعيد وإعادة الإعمار.

أهمية ما جرى لا تقتصر على نص الخطة بحدّ ذاته بل في الدلالة السياسية: إدارة أميركية تصرّ علناً على سقف أحاديّ لا تقبل من خلاله ضمّ الضفة، وتعمل على بناء توافق إقليمي حول تسوية مرحلية لقطاع غزة. ذلك يضع نتنياهو بين خيارين صعبين — قبول شروط عملية مقابل تآكل خطاب اليمين داخلياً، أو التمسّك بالمواقف القومية مع مخاطرة تزايد العزلة الإقليمية والدولية.

خاتمة عملية — ما الذي يجب مراقبته الآن؟
• قراءة نص الخطة الرسمي حال نشره من قبل البيت الأبيض (حتى الآن الاعلان جاء عن تقديم الخطة وليس نشر نصّ كامل رسمي). 
• مواقف مكتوبة ومفصّلة من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي وبيانات أعضاء الائتلاف، خصوصاً وزراء اليمين، لمعرفة مدى القبول أو الرفض. 
• اجتماع ترامب ونتنياهو المقرر ومخرجاته المباشرة: هل سيحسم الزعيمان نقطة المشاركة الفلسطينية وإطار نزع السلاح أم يؤجلانها لمفاوضات تقنية لاحقة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى