صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
آفاق

«توأمك الرقمي»… ثورة جديدة تعيد تعريف الإنسان بين الواقع والذكاء الاصطناعي

لم يعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي مقتصرًا على الروبوتات أو المحادثات الآلية؛ فالعلم اليوم يتجاوز ذلك نحو مرحلة أكثر جرأة: خلق نسخة رقمية من الإنسان نفسه.
ففي خطوة علمية غير مسبوقة، أعلن فريق بحثي مشترك من جامعات ديوك وكولومبيا ونبريخا الإسبانية، بالتعاون مع شركة “كوجني فيت” المتخصصة في علم الأعصاب الرقمي، عن تطوير ما يُعرف بـ«التوائم المعرفية الرقمية» — نموذج ذكي يحاكي قدرات الفرد العقلية والسلوكية، ويستطيع التنبؤ بحالته الصحية والنفسية قبل أن تظهر الأعراض.

هذه التوائم الرقمية لا تحمل الملامح أو الأصوات، بل تمثل انعكاسًا معرفيًا للعقل البشري، تُغذّى باستمرار ببيانات دقيقة من أجهزة الحياة اليومية: الساعات الذكية، وأجهزة تتبع اللياقة، ومستشعرات النوم، وحتى تطبيقات الهاتف التي تسجّل نمط الحياة والمزاج. ومن خلال تحليل هذه البيانات عبر خوارزميات متطورة، يتمكّن التوأم الرقمي من التعرّف على تراجع الذاكرة، واضطرابات التركيز، بل والتنبؤ ببوادر أمراض عصبية قبل أن يدركها الإنسان نفسه.

ويقول الباحثون إن الهدف من هذا المشروع ليس فقط مراقبة الحالة الذهنية، بل تطوير أنشطة معرفية وتدريبات ذهنية مصمّمة لكل شخص على حدة، يمكنها تعزيز قدرات الدماغ وتأخير تدهور الوظائف العصبية.

ووفق ما نشره موقع Science Alert، فإن العلماء يتوقعون أن يصبح لكل إنسان في المستقبل القريب “قرين رقمي” يعيش معه بشكل غير محسوس، يراقب صحته العقلية، ويقترح عليه أنماط نوم وغذاء وتفكير تحفظ توازنه العصبي، مثلما تفعل التطبيقات الصحية اليوم مع اللياقة البدنية.

لكن خلف هذه القفزة العلمية تلوح تساؤلات فلسفية وأخلاقية معقدة:
هل سنقبل أن يعيش بيننا «توأم» يعرف عنا أكثر مما نعرف نحن عن أنفسنا؟
وهل تتحوّل هذه التقنية إلى أداة للعلاج، أم إلى وسيلة جديدة لمراقبة البشر تحت غطاء الذكاء الاصطناعي؟

ما يبدو واضحًا حتى الآن هو أن الحدود بين الإنسان وآلته تتآكل ببطء، وأن العقل البشري يدخل عصرًا جديدًا من المرايا الرقمية التي لا تعكس الوجوه فحسب، بل الأفكار والمشاعر أيضًا.

مصدر الصورة: إسكاي نيوز العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى