🔵 ترامب يخلط أوراق آسيا: بين تايوان وموسكو وبكين.. مشهد يعيد رسم خرائط النفوذ
🔵 بينما استهلت الصين والولايات المتحدة أحدث جولات محادثاتهما التجارية صباح اليوم السبت في ماليزيا، بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكأنه يُشعل نارًا باردة في زمن الحرب الدبلوماسية الساخنة، حين أعلن من على متن طائرته المتجهة إلى كوالالمبور أنه “يريد أن تساعد واشنطن الصين في مواجهة روسيا”.
العبارة التي دوّت في الأوساط السياسية كقنبلة من العيار الثقيل، بدت متناقضة في ظاهرها، لكنها منسجمة تمامًا مع أسلوب ترامب الذي يجيد خلط الأوراق وقيادة السياسة الدولية من قلب المفارقة. فبينما تواصل واشنطن وبكين سجالًا تجاريًا مريرًا، يمد الرئيس الأميركي يده إلى غريمه التجاري ليكون شريكًا في كبح نفوذ الكرملين المتعاظم.
تزامن ذلك مع وجود كيريل دميترييف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون الاستثمار والتعاون الاقتصادي، في واشنطن منذ الأمس، لإجراء مفاوضات بين البلدين، ما يجعل تصريحات ترامب أقرب إلى رسائل موجهة إلى موسكو أكثر منها إلى بكين.
أما قضية تايوان، فستكون ـ كما أوضح ترامب قبل مغادرته واشنطن ـ على رأس الملفات الساخنة في لقائه المرتقب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال جولته الآسيوية. وهي إشارة تضع بكين أمام امتحانٍ دبلوماسيٍّ دقيق بين حفظ سيادتها والحفاظ على خيط التفاهم مع الإدارة الأميركية.
ولم يكتفِ ترامب بذلك، إذ دعا إلى إطلاق سراح جيمي لاي، قطب الإعلام المسجون في هونغ كونغ، في خطوة قد تُفسَّر كمحاولة لخلخلة تماسك الموقف الصيني في ملفات الحريات والسيطرة السياسية.
سياسيًا، لا يمكن فصل تصريحات ترامب عن محاولته إعادة تموضع الولايات المتحدة في شرق آسيا، حيث تتقاطع مصالحها مع طموحات الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، واليابان. فهو أعلن انفتاحه على لقاء زعيم كوريا الشمالية، قائلاً: “علاقتي به جيدة، وأنا منفتح على لقائه”. كما عبّر عن تطلعه إلى “بناء علاقات مميزة مع اليابان ورئيسة وزرائها”، في إشارة إلى رغبته في إعادة هندسة التحالفات التقليدية بما يخدم أجندة أميركا أولاً، لكن على طريقته الخاصة.
المراقبون يرون أن ترامب يُعيد إنتاج مفهوم “توازن الرعب” بأسلوب استعراضي، يمزج بين الاقتصاد والسياسة والبراغماتية المفرطة. فبينما تبدو واشنطن في حالة مواجهة مفتوحة مع موسكو، يلوّح الرئيس الأميركي بالتحالف مع بكين، وكأنه يقول للعالم: من أراد صداقة واشنطن فعليه أن يشاركها في عدائها لموسكو.
في النهاية، ليست تصريحات ترامب مجرد جمل عابرة في سماء الطائرة الرئاسية، بل مؤشرات على مرحلة دولية جديدة، عنوانها: “المصالح المتحركة.. والتحالفات المرنة”، حيث لا أصدقاء دائمين، ولا خصوم دائمين، بل ساحات تتغير خرائطها كلما تحرك ترامب على رقعة الشطرنج الآسيوية.




