صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
مقالات

القصة تتغير حين نتغير

في رحلة الحياة، لا شيء يبقى على حاله، حتى نحن نتقلب بين لحظات الفرح التي تفيض من القلب فنبحث عمّن يشاركنا بها، وبين لحظات الحزن التي نلجأ فيها إلى الصمت، نختبئ خلف ملامح القوة ونتظاهر بالثبات، بينما في أعماقنا ينهار ما لا يُقال..نخفي الألم حتى لا نبدو ضعفاء، وننسى أن في الصدق مع أنفسنا قوة أعمق من أي تظاهر…

هذه المفارقة بين انفتاح الفرح وصمت الحزن تشبه مفارقة أخرى نعيشها دون وعي:
أننا نُعيد التجارب ذاتها، وننتظر أن تتبدل النتائج..نُبرر، ونتنازل، ونغفر، وكأننا نأمل أن يتغير المشهد ونحن لم نتغير بعد….

وهنا تستوقفني عبارة العالم ألبرت أينشتاين حين قال:
“الغباء هو أن تفعل الشيء نفسه مرارًا بالطريقة ذاتها، وتنتظر نتيجة مختلفة.”

كم تختصر هذه الجملة فلسفة الحياة!
فالتغيير لا يولد من التمني، بل من الوعي.
لا يكفي أن نغضب أو نبتعد، بل علينا أن نُعيد النظر في أنفسنا، في اختياراتنا، في من نسمح لهم بالبقاء حولنا، وفي ما نسمح لأنفسنا أن نتقبله..

قال سقراط ذات يوم:
“سر التغيير هو أن تركز كل طاقتك على بناء الجديد، لا على محاربة القديم.”

لا تنتظر من المستغل أن يصبح معطاءً،
ولا من البخيل أن يتحول إلى كريم،
ما لم تُغيّر أنت طريقتك في التعامل معهم..فبعض الطباع لا تتبدل لأنها لم تكتشف نفسها بعد،أما أنت، فكل وعيٍ جديد يولد فيك هو ولادة لحياة مختلفة.

الحياة لا تكافئ من يكرر أخطاءه،
بل من يتعلم منها ويُعيد كتابة قصته من جديد..وحين نغيّر زاوية النظر، نرى في التجارب ما كان خفيًا، فنخرج من دائرة التكرار إلى رحابة الفهم..

كما قال الفيلسوف هيراقليطس:
“لن تستطيع عبور النهر مرتين بالماء نفسه.”

فكل تجربة تتجدد، والماء يتغير، وكذلك نحن إن اخترنا الوعي..كل خطوة وعي صغيرة تفتح بابًا كبيرًا للتغيير، وكل قرار شجاع يكسر سكون النمط القديم.

فلا تخف من كسر العادة، ولا تتردد في خوض طريقٍ جديد، فالحياة لا تتبدل إلا حين نقرر أن نكون نحن التغيير ذاته..وعندما نتوقف عن تكرار الماضي، نبدأ في كتابة قصة تستحق أن تُروى ..
لأن القصة حقًا تتغير حين نتغير…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى