ظِلُّ الأمان وضياء الحياة ..

تبدأ الحكاية من قلبٍ لم يعرف إلا العطاء،
من ابتسامةٍ تُطفئ وجع الأيام،
ومن يدٍ تمسح التعب بصمتٍ حانٍ…
هي المأوى الأول، والنبض الذي لا يخون،
والحبّ الذي لا يبهت مهما طال العمر…
هي الحنان الممزوج بالقوة،
والسكينة التي تأوي إليها القلوب…
إنها الأمّ…
حين تكون ملاذًا لأرواحٍ كثيرة،
تمرّ بمواقف عصيبة، ومع ذلك تبقى في قمّة الثبات .. ولأنها مسؤوله عن الجميع، تظل شامخةً كالجبل ..تجمع شتات من حولها رغم الإنهاك،
وتُخفي ضعفها خلف حنانها ، وقوتها خلف انكسارها …إنها الأمّ التي ارهقتها الحياة .. ولا تُهزم، ولا تشتكي، بل تبقى موطنًا وملاذًا للجميع…
فما إن نمرّ بلحظة فرحٍ أو حزن، حتى تتجه قلوبنا نحوها .. نشعر بالأمان لمجرّد وجودها،
بدعواتها التي تحفّنا،وبحنانها الذي يرمّم ما تهشّم فينا …
منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها أقدامنا هذه الحياة.. كانت الأمّ ..ثابتة كالجبل، ناعمة كنسمة،
في عينيها أول شعاع أمان،وفي يديها دفء الحياة قبل أن نفهم معناها..حبّها فطريّ، خالص،
يتّسع لهفواتنا وأخطائنا دون حساب…
وقال جبران خليل جبران:
“الأمّ هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوّة في الضعف.”
ومع مرور الأيام، ندرك أن اليد التي كانت ترفعنا حين نسقط .. أصبحت اليوم بحاجةٍ إلى من يُسندها برفقٍ وامتنان…لقد حان الوقت لنردّ الجميل، أن نُحيطها بعطفٍ ورعايةٍ كما أحاطتنا هي حبًا وحنانًا…
وقال إيليا أبو ماضي:
“ليس يرقى الابن فوق الأم منزلةً،
مهما سمى نجمُهُ في جوّه وعلَا.”
وقال محمود درويش:
“أحنُّ إلى خبز أمي، وقهوة أمي، ولمسة أمي…والطفولة تسكنني حتى الآن.”
فحبّ الأمّ لا يُقاس بالعمر، ولا يتوقف بالغياب،
إنه نبضٌ يسكننا ما حيينا، ودعاءٌ يرافقنا أينما ذهبنا.
وحين ترحل الأمهات، لا يرحلن حقًا؛
يبقين أثرًا، ورائحةً، وضياءً في الذاكرة لا يخبو.
رحم الله كل أمٍّ غابت، وجعل مقامها في الفردوس الأعلى،وحفظ الأمهات اللواتي ما زلن بيننا،
وأدام بهنّ دفءَ البيوت وطمأنينة القلوب…
فالأمّ هي ظلّ الأمان وضياء الحياة ..
هي السند الذي لا يتغيّر، والحضن الذي يضمّنا ..
والنور الذي يبدّد عتمة الأيام ..
والحنان الذي يزهر فينا مهما مرّت السنين ..





