صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
منوعات

المحامية

 

قلم الكاتبة روان طلاقي – جدة

يُعدّ مسلسل ” المحامية” واحدًا من أبرز الأعمال الدرامية السعودية الحديثة التي لامست قضايا المجتمع بواقعية وجرأة، مقدّمًا طرحًا فنيًا راقيًا يجمع بين التوعية القانونية والدراما الاجتماعية المؤثرة.
ما شدّ انتباهي منذ البداية عدد حلقاته المحدود، مما جعله عملاً مكثفًا ومركزًا، بعيدًا عن الإطالة التي تُفقد بعض الأعمال متعتها. فقد أضفى عليه حيوية وجاذبية، وجعل المتابعة أكثر شغفًا وترقبًا لكل حلقة.
أما من ناحية الأداء، فقد تألقت الفنانة لِبنى عبدالعزيز في دور المحامية، وأثبتت قدرتها العالية على تجسيد الشخصية باحترافية لافتة. فقدّمت أداءً متقنًا يعكس صورة المرأة السعودية الواعية والمثقفة، التي تجمع بين الذكاء والحنكة القانونية والإنسانية في آنٍ واحد. كانت مشاهدها داخل أروقة المحكمة مثالاً على الإتقان في الأداء والتمكن من اللغة القانونية، ما أضفى مصداقية كبيرة على الشخصية وجعلها أقرب إلى الواقع.
من جهة أخرى، أبدع الفنان هاشم نجدي في دوره، مقدمًا نموذجًا للرجل الحكيم صاحب الرأي السديد والموقف المتزن في أصعب الظروف. تميّز أداؤه بالهدوء والعمق، مما أضاف توازنًا دراميًا جميلًا للمسلسل، وعكس صورة إيجابية عن الرجل السعودي الواعي والمثقف.
تميز العمل أيضًا بطرحه العديد من القضايا القانونية والاجتماعية التي تمس المجتمع السعودي بشكل مباشر، حيث تناولت كل حلقة قضية مختلفة تحمل في طياتها رسائل توعوية مهمة. وقد كان لعرض حيثيات القضايا وأحكامها القانونية دور كبير في توعية المشاهدين ببعض التفاصيل القضائية التي قد يجهلها الكثيرون، مما منح العمل بعدًا تثقيفيًا مميزًا.
ولعل أجمل ما في المسلسل هو رسالته الإنسانية والمجتمعية الواضحة، التي ركزت على تمكين المرأة وإبراز دورها في المجتمع السعودي الحديث، إلى جانب دعوته لاحترام القانون والعدالة، وتعزيز قيم الحكمة والمسؤولية لدى الرجل والمرأة على حدٍ سواء.
يمكن القول إن مسلسل ” المحامية” ليس مجرد عمل درامي، بل هو منبر توعوي فني يجسد التطور الكبير الذي تشهده الدراما السعودية في السنوات الأخيرة. لقد استطاع أن يعبّر عن واقعنا الاجتماعي برؤية ناضجة وأسلوب مشوّق، مما يجعلنا نفخر بأن أعمالنا المحلية باتت قادرة على المنافسة عالميًا.
وأتمنى أن تُترجم مثل هذه المسلسلات إلى لغات متعددة، حتى يشاهدها الجمهور في مختلف أنحاء العالم، ويتعرف على الصورة الحقيقية للمجتمع السعودي، وعلى مكانة المرأة السعودية التي أصبحت اليوم رمزًا للوعي والطموح والعطاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى