مقالات
حين تتحول الأزمات إلى فرص …

في حياتنا، كثيرًا ما نصطدم بمواقف نعتقد أن العالم توقف، وأن كل شيء قد انهار. تلك اللحظات الصعبة التي تبدو خسارة فادحة، قد تكون في الواقع بوابة لفرص لم نكن نحلم بها. وكما قالوا:
“أشدُّ اللحظات ظلمة… تسبق الفجر دائمًا.”
سمعتُ الكاتبَ والاستشاري عمرو منتصر، المتخصص في الصحة النفسية، يروي قصته حين كان يحلم بالالتحاق بكلية الهندسة. قبل الاختبارات النهائية، تعرض لحادث شديد أدى إلى كسر يديه ورجليه، فلم يستطع أداء الاختبارات بالشكل المطلوب، فتغيّر مساره إلى كلية الحقوق، ثم واصل تخصصات أخرى وصل بها إلى ما هو عليه اليوم. تلك اللحظة التي ظنّ فيها أن كل شيء ضاع، كانت في الحقيقة الأساس لصناعة مسار جديد مليء بالفرص والنجاحات.
قال تعالى: «لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا».
وهذه الحكمة تتجلى أيضًا في قصة الخضر مع موسى عليهما السلام، حين قتل الغلام وأصلح السفينة؛ بدا الفعل في البداية غير مفهوم، لكنه كان حكمة إلهية لحماية أصحابها، رغم أن السبب لم يكن واضحًا في حينها ..
الحياة مليئة بالمفاجآت غير المتوقعة، وأحيانًا ما نراه كارثة هو في الحقيقة نقطة تحول نحو الأفضل. المهم أن نثق بالحكمة الإلهية، وأن ننظر للأحداث بعين البصيرة لا بعين اليأس أو الندم. وكما قال إيليا أبو ماضي:
“قد ينبتُ المرعى على دِمَنِ الثرى
وتبقى النجومُ على الدجى تتلألأ.”
قال تعالى أيضًا: «عَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ».
إنها دعوة لكل من يمر بلحظة صعبة: لا تستسلم للخيبة؛ فكل منعطف قد يحمل فرصة جديدة، وكل خسارة قد تخفي نجاحًا أكبر. أحيانًا يكون التغيير المفروض علينا هو بالضبط ما نحتاجه لنصل إلى أفضل نسخة من أنفسنا.
في النهاية، الحياة ليست دائمًا كما نخطط، لكنها دائمًا كما كتبها الله لنا… مليئة بالحكمة والفرص. فلنحتضن التحديات، ولنعلم أن كل منعطف صعب يحمل في طياته الخير، حتى لو لم نره الآن. فالقوة الحقيقية تكمن في القدرة على تحويل الألم إلى طريق جديد، والخسارة إلى بداية أفضل …






