أنت رسّام لوحتك…

«أنت اللوحة، وأنت الفرشاة، وأنت الألوان، وأنت الرسّام؛
والآخرون مجرّد مشاهدين لتلك الرسمة،
يحكمون عليها بقدر ما يظهر لهم منها، لا بعمق حقيقتها.»
— الدكتور والمستشار محمد الخالدي
حين تأملتُ هذه المقولة، أدركتُ أن رؤية الآخرين لنا لا تكفي؛ الأهم أن نرى نحن أنفسنا بصدق ووعي. فالقيمة الحقيقية لا تبدأ من نظرات الإعجاب، ولا من أحكام العابرين، بل من إدراكك العميق لذاتك، ولما تحمله روحك من فرادة لا تشبه أحدًا. عندها فقط تفهم أن ما تمنحه من حب وصدق لا ينتقص منك، بل يضيف إلى جوهرك نورًا واتزانًا.
من عرف نفسه، لم يعد أسيرًا لتأكيد الآخرين، ولم يسمح لآرائهم أن تكتب سطرًا واحدًا في حكايته. وكما قال سقراط: «اعرف نفسك، وستعرف العالم»؛ فمعرفة الذات هي بوابة التحرّر من التعلّق، ومن الحاجة الدائمة إلى التصفيق.
وحين تدرك قيمتك، تفهم أن العلاقات الناقصة لا مكان لها في حياتك، وأن فتات المشاعر لا يليق بروح تعرف قدرها. تدرك أنك إضافة لا تُعوّض، وأن من لا يرى جمالك لا يملك الحق في تشويه لوحتك أو إعادة رسم ملامحها وفق هواه.
ومهما كثر من حولك، ستبقى بصمتك مختلفة؛ فالتميّز لا يُقاس بما تراه العيون، بل بما تحمله من صدق وعمق. وكما قال جبران خليل جبران: «كن أنت، فالجميع قد أُخذوا»؛ فجوهر الإنسان قيمة لا تتكرر.
وحين تكتمل هذه القناعة، لن تبحث عن إثبات، ولن تُرهق نفسك بشرح من تكون. فمَن وجد نوره في داخله، لم يعد محتاجًا إلى أي ضوء خارجي يهديه الطريق.
تذكر دائماً ..أنت صاحب اللوحة، وأنت من يقرّر متى يغيّر الألوان، ومتى يبدأ من جديد…والأجمل في الحكاية أن اللوحة، ما دمتَ أنت رسّامها، لا يمكن أن تُرسم إلا كما تستحق ..






