صحيفة سعودية تأسست في بريطانيا العام 2011
بريد الصحيفة - Muf2014s@gmail.com
مقالات

ثقافة كلمة ( لا ) !!

روان طلاقي

كلمة لا ليست عيبًا، وليست تقليلًا من شأن الطرف الآخر، بل هي في جوهرها احترام للذات وللرغبات الشخصية. وفي نهاية الأمر، إن كنت لا تريد فعل شيء ، فمن حقك الكامل أن تقول لا اريد دون شعور بالذنب أو الخوف. المشكلة ليست في الكلمة نفسها، بل في الثقافة التي تربينا عليها والتي جعلت من الرفض أمرًا مخيفًا أو غير مقبول.
كثير من الناس يخافون من قولها لأسباب متعددة، خصوصًا في بيئة العمل… الخوف من الفصل، أو خسارة الفرص، أو التعرض للضغط، أو العمل تحت الإجبار. أحيانًا يجد الإنسان نفسه يؤدي أشياء لا يريدها لأنه لا يعرف كيف يرفض. هنا يظهر دور الذكاء العاطفي. ماهو الذكاء العاطفي …!
الذكاء العاطفي هو قدرة الإنسان على فهم مشاعره وإدارتها، وليس ذلك فقط بل إدراك مشاعر الآخرين والتعامل معها بوعي ومن ثم اتخاذ قرارات متزنة تحترم الذات والآخرين في آنٍ واحد ومن أهم المهارات هي ثقافة قول كلمة لا … فهي لا تعني القسوة أو الصدام. يمكن قولها بأسلوب لطيف يراعي مشاعر الطرف الآخر دون التنازل عن حقك. نأتي الى كيف أقولها . التوقيت مهم جدًا …. اختيار الوقت المناسب للرد أو الرفض يصنع فرقًا كبيرًا. في كثير من الأحيان، الرفض المتأخر أو المفاجئ يسبب سوء فهم … وأيضا دراسة الحالة جيدًا افهم الطلب، ظروفه، وتبعاته قبل الرد. هذا يجعلك أكثر ثقة ووضوحًا في قرارك وإن لم تستطع الإجابة فورًا، اطلب مهلة فهو من ابسط حقوقك أن تقول أحتاج بعض الوقت للتفكير أو سأرد عليك لاحقا… هذا أفضل من الموافقة على شيء لا تريده. تذكر شيء مهم جدا يمكنك الرفض مع الاعتذار دون تبرير مبالغ فيه أو إحساس بالذنب لو نظرنا في المشكلة بشكل أعمق سنرى أنها تأصلت من الجذور
للأسف، تلك الثقافة معدومة في مجتمعاتنا، لأن الأجيال السابقة تربت على مبدأ الأوامر والتنفيذ دون نقاش. هذا الخلل بدأ من التربية، حيث لم يُعطَ الطفل مساحة للتعبير عن رأيه أو مشاعره. وهنا تأتي مسؤولية الوالدين….
فالله سبحانه وتعالى خلق لنا أذنين لنسمع قبل أن نقرر، قبل أن نحكم، وقبل أن نصدر الأوامر. الاستماع للطفل، احترام رأيه، وتعليمه التعبير عن نفسه، هو أساس إنسان واثق ومتزن نفسيًا.
والحقيقة التي ليس عليها نقاش أبدا أن الإنسان ملكٌ لذاته
الإنسان ليس مُلكًا لأحد. هو قادر على أن يقول نعم وقادر على أن يقول لا . لديه أحقية كاملة في حرية الاختيار والتعبير، دون خوف أو خضوع أو تبرير دائم.
بعض الأحيان تفسر بطريقة خاطئة أنها أنانية هي ليست كذلك ، بل هي وعي واحترام للذات. و أحد أهم مظاهر الذكاء العاطفي الذي نحتاجه لبناء علاقات صحية، وبيئة عمل إنسانية، ومجتمع أكثر توازنًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى