سنة جديدة ٢٠٢٦

الإنسان كالإسفنجة، ما دام مستيقظ القلب، حاضر العقل… قابلًا للتعلّم… فهو قادر على الامتلاء بما ينفعه.
الطموح ليس صفة فطرية فقط، بل ممارسة يومية… تبدأ من الاعتراف بالذات قبل السعي إلى تغيير العالم. فالإنسان السوي ليس من يدّعي الكمال، وإنما من يكتب أخطاءه بصدق ، يعترف بوجودها ثم يسعى لإصلاحها.
الحياة سلسلة من التجارب… بعضها يعلّمنا بلطف! وبعضها يوقظنا بالألم. وهناك أفعال كنا نمارسها كل يوم حتى أصبحت عادات، دون أن نسأل أنفسنا هل تقرّبنا مما نريد، أم تُبعدنا عمّا نستحق؟ لذلك فإن بداية التغيير الحقيقية تبدأ من مساء اليوم، حين تجلس مع نفسك وتسألها: ماذا حققت؟ وأين أخطأت؟ وما الذي يمكن أن أفعله غدًا بشكل أفضل؟
وحين نفكر في الغد لا نفكر فيه كأمنية بعيدة بل كامتداد لما نزرعه اليوم. نكتب العادات التي تحتاج إلى تغيير و نبحث عن بدائل رحيمة لأنفسنا. فالعادات لا تُكسر بالعنف، بل تُستبدل بالحكمة. من اعتاد السهر يحاول النوم المبكر تدريجيًا. ومن اعتاد الكسل، لا يُجلَد بالذنب، بل يُشجَّع . ف الله يحب العبد المجتهد الذي يسعى ويخطئ ثم يعود.
ومن ثم بعد ذلك نأتي الى المعرفة أعظم شيء كتب لنا ك بني آدم . فالتعلّم المستمر ليس فراغاً، بل عبادة عقلية، وسعي في عمارة النفس. وكل قراءة صادقة تفتح بابًا، وكل فكرة جديدة توسّع أفقًا، حتى تتكوّن لدى الإنسان حصيلة معرفية تجعله أكثر وعيًا، وأكثر اتزانًا في قراراته. وحين تكثر الأهداف فليس هناك مشكلة ولكن من الحكمة أن لا نحملها دفعة واحدة، بل نقسمها إلى أفعال صغيرة تُنجَز كل يوم، لأن القليل المستمر أحب إلى الله من الكثير المنقطع.
ولا يكتمل أي طريق دون الامتنان. فالرضا لا يعني التوقف عن الطموح، بل يعني أن ترى نعمة الله عليك وأنت تسعى.
وحين نقف بين عام مضى وعام قادم، فإن الحكمة أن نضع إنجازات السنة الماضية أمام أعيننا، لا للتفاخر، بل للتذكير بأننا قادرون. نكتب ما أنجزناه في عام 2025، ثم نضع بجانبه أهداف 2026، لا كأحلام معلّقة، بل كعهود نقطعها على أنفسنا.
” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
فالتغيير يبدأ من الداخل، من الفكرة، من النيّة، من القرار الصادق. التشتت الذهني المستمر علامة على طاقة مهدورة، والمقارنة المستمرة علامة على غياب الرضا عن الذات. وكلما قارنت نفسك بغيرك، فقدت ملامحك الخاصة، ونسيت أن لكل إنسان طريقه وتوقيته.
أما القسوة على الذات، فهي عدو خفي. النقد البنّاء مطلوب، لكنه لا يعني جلد النفس ولا كبت المشاعر. فالمشاعر المكبوتة لا تموت، بل تنتظر لحظة انفجار، وقد تكون النهاية مؤلمة. كن رحيمًا بنفسك، واسعَ،وتوقف قليلًا إن لزم الأمر، لكن لا تستسلم.
تذكّر أن التغيير رحلة، وأن الله لا يضيع سعي من صدق. أصلح ما بينك وبين نفسك، يصلح الله لك ما حولك، وامضِ مطمئنًا… فأنت في الطريق الصحيح.






