فكوني شركم!
في لحظات الصفاء النادرة، حين يهدأ ضجيج الحياة وتتضح الرؤية، يكتشف الإنسان أحيانًا شعورًا بالغربة، لا عن المكان، بل عن الأرواح التي تحيط به. غربة تنبع من إدراكه أن كثيرًا مما يُقال لا ينسجم مع ما يُمارَس، وأن بريق الكلمات قد يخفي خلفه واقعًا مليئًا بالتناقضات!
غالبًا ما تأتي النصائح مغلّفة بالاهتمام، لكنها تحمل أحيانًا تلميحًا بالمِنّة أو غطاءً لمجاملة بلا روح. وعندما يلجأ الإنسان طالبًا المساندة، قد يجد يدًا تمتد نحوه، لكن بطريقة تُشعره بثقل حاجته، فينقبض قلبه قبل كلماته، ويهمس داخله: “فكوني شركم”!
لسنا بحاجة إلى عطايا تُشعرنا بثقلها أكثر من نفعها، ولا إلى مشاعر مشروطة بمقايضات خفية. فالابتعاد عن البيئات المرهقة للنفس ليس انسحابًا سلبيًا، بل خطوة نحو السلام الداخلي.لقد باتت بعض العلاقات تُدار بمعايير مختلّة، حيث يعلو صوت المجاملة على الصدق، وتُقدَّم المصالح على المشاعر الإنسانية. أحلم بيوم نعيش فيه بصدق ونتعامل بإنسانية، مدركين أن الكرامة حق أصيل لكل إنسان.
إن عبارة “فكوني شركم” ليست صرخة غضب، بل دعوة صادقة للابتعاد عن دوائر التصنع، وتحرير النفس من ضغوط المظاهر، والحفاظ على علاقة متوازنة مع الذات والآخرين. هي رسالة للعيش بسلام داخلي، دون تنازل عن المبادئ، ودون إهدار للكرامة!!
اتركوني أختار طريقي بحرية، وأحلم بفكري دون وصاية أو إملاء. فالحياة الكريمة لا تُقاس بما يُعطى لنا، بل بما يُرفع عنا من قيود وضغوط، في عالم يطمح إلى الفضيلة!