مقالات
ما لا نقوله… هو ما يروي حكايتنا

نمضي في رحلة الحياة باحثين عن التطوّر والنجاح، نحصي الشهادات ونلاحق الإنجازات، وفي خضم ذلك قد نغفل عن أعظم ما قدّمناه لأنفسنا: القدرة على الصمود. تلك القوة الهادئة التي تجعلنا نتجاوز، وننهض مرة بعد أخرى بصمتٍ لا يسمعه أحد، لتصبح حياتنا حكاية تستحق أن تُروى.
لماذا لم ندوّن في خانة الإنجازات كيف واجهنا الحياة؟
كيف تعلّمنا النهوض دون أن ننكسر، وتحملنا المسؤولية بهدوء، ومضينا بثبات؟ تلك العودة وحدها إنجاز لا تُقاس قيمته بالأرقام، ولا تُسجَّل في السير الذاتية…
إنها إنجازات لم تُروَ بعد في حكايتنا…
وفي خانة الخبرات ..
لماذا لم ندوّن صبرنا على الغياب، وتجاوزنا الخذلان، واحتضاننا للحزن بوعي يشبه شجرة تقف في وجه الريح دون أن تفقد جذورها؟
كل تلك الخبرات وهبتها لنا الحياة في لحظات قاسية، لكنها صنعت في داخلنا نضجًا لا يُشترى ..
أما المهارات، فهي ليست مقتصره على ما نتعلّمه في المدارس أو البرامج .. فالصبر، وقوة التحمل، والاتزان، والتسامح مهارات صقلتها التجارب ونقشتها الأيام في أعماقنا. وهكذا تفعل الحياة حين تشتد؛ تمنحنا القدرة على الارتقاء بدل الانكسار…
هناك تفاصيل صغيرة قد تبدو عابرة، لكنها تحمل أثرًا عظيمًا في إشعال حب الحياة داخلنا: كلمة صادقة، لحظة صفاء، صوت مطر، خطوة شجاعة نحو الذات، أو إحساس بأننا تجاوزنا ما حسبناه يومًا نهاية الطريق. ليست هذه التفاصيل ترفًا، بل إشارات خفية تؤكد أن النور قادم مهما طال الليل.
إن إنجازاتنا الحقيقية لا تُقاس بما نعلّقه على الجدران؛ أحيانًا يكمن الإنجاز الأكبر في ابتسامة وُلدت من وجع، أو نهوض أعقب سقوطًا، أو استمرار رغم الخذلان، أو عودة من الحافة أكثر وعيًا وقوة. لقد شكّلتنا المواقف وأعادت صياغتنا، وأخرجت منا نسخة لا يعرفها إلا من سار معنا الطريق ذاته.
فلنكتب ما عشناه، ولنعترف ببطولتنا الصامتة… فهي الإنجازات التي رفعت رؤوسنا، دون انتظار تصفيق من أحد ..





