لغتي العربية

تأتيني تساؤلات كثيرة، بحكم كوني كاتبة وأم، أكتب بلغتنا الأم العربية، عن شكوى بعض الآباء والأمهات من حديث أبنائهم باللغة الإنجليزية أكثر من العربية. وهو أمر أصبح شائعًا في هذا الزمن، خصوصًا مع انتشار المدارس الدولية، وتحوّل اللغة الإنجليزية إلى مهارة أساسية في عالم سريع التغيّر.
ومن وجهة نظري كأم، لا أرى في ذلك مشكلة بحد ذاتها. إتقان اللغة الإنجليزية اليوم ضرورة، ويحتاج الطفل إلى أن يفهمها ويتقنها بطلاقة. لكن السؤال الأهم الذي يجب أن نعيد توجيهه لأنفسنا هو:
كيف نحافظ في الوقت نفسه على لغتنا العربية داخل بيوتنا؟
الإجابة أبسط مما نتصور، وهي تبدأ وتنتهي عند الأم والأب.
الطفل يتعلم اللغة التي يسمعها، ويألف المفردات التي تُستخدم أمامه يوميًا. فإذا كان الحوار داخل البيت يتم في الغالب باللغة الإنجليزية، فمن الطبيعي أن تصبح هي لغته الأقرب، حتى وإن كانت العربية لغته الأم.
الحل يبدأ من قرار بسيط أن تكون اللغة العربية هي لغة الحوار الأساسية داخل البيت.
حين يتحدث الطفل بكلمة إنجليزية، لا نوبخه، ولا نشعره بالخطأ، بل نقول له بهدوء: قلها لي بالعربية وإن لم يعرف الكلمة، نساعده بهذه الطريقة، تتوسع حصيلته اللغوية دون ضغط، وتصبح العربية جزءًا حيًا من يومه، لا مادة دراسية فقط.
ومن أهم العادات التي لا يجب الاستغناء عنها: حكاية ما قبل النوم.
قراءة قصة عربية، بلغة فصحى مبسطة، تفتح للطفل باب الفضول. سيبدأ بالسؤال: ما معنى هذه الكلمة؟ ماذا تقصد هذه الجملة؟ ومن خلال الحوار، تتطور لغته، ويتشكل ارتباطه بالكلمة العربية بطريقة دافئة ومحببة.
كما أن تخصيص وقت يومي للقراءة بالعربية ولو ساعة واحدة يصنع فرقًا كبيرًا. اقرأ، ثم تعال واحكِ لي ما قرأت. هذا الحوار البسيط يحوّل القراءة من واجب إلى متعة، ومن نص جامد إلى تجربة فكرية.
ولا ننسى دور الدورات والأنشطة اللغوية الموجهة للأطفال، فهي أدوات داعمة، يمكن للوالدين تشجيع أبنائهم على الالتحاق بها، لكنها لا تغني أبدًا عن دور البيت.
لغتنا الأم، وهي لغة القرآن، ولغة الهوية، ومن حق جيل المستقبل أن يفهمها، ويحبها، ويتقنها، لا أن تكون غريبة عنه.
نحن لا نطلب من أطفالنا أن يختاروا بين العربية والإنجليزية، بل أن يتقنوهما معًا. الإنجليزية للعالم، والعربية للروح، والفكر، والجذور.






