“الحذيفي” من المسجد النبوي: رمضان مِنَّة جُلّى تستوجِب شكره سبحانه ظاهرًا وباطنًا
أوضح أمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة الشيخ الدكتور أحمد الحذيفي أن شهر رمضان شهر إقبالٍ على الله، تحطُّ النفوسُ المُثْقلة فيه رحالَها، وتضع فيه -بَعْدَ مسيرها- أثقالَها وأحمالَها، وترتوي الأرواح الظَّمْأى من معين زلاله، وإنه زَمانٌ عظيمٌ أزهَر سِراجُ لياليه وأيّامه، وتفتّق الزَّهر عن أكمامه، امتنّ الله به على أمّة الإسلام فجعَلَه غُرّة الشهور ومُتَّجَر أهل الإيمان وربيعَ الأيام.
وأضاف الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة أن إدراك شهر رمضان مِنَّة جُلّى تستوجِبُ شُكره سبحانه ظاهرًا وباطنا، لأنه شهودٌ لزمانٍ شريف، ووقتٍ فاضلٍ مُنيف، يرقى فيه العبدُ إلى معارجَ من القربِ إلى الله، ويطوي فيه مِنْ زَمان المسيرِ إلى مولاه ما لا يتهيأ له في غيره.
وقال شهر رمضان شهر إقبالٍ على الله، تحطُّ النفوسُ المُثْقلة فيه رحالَها، وتضع فيه -بَعْدَ مسيرها- أثقالَها وأحمالَها، وترتوي الأرواح الظَّمْأى من معين زلاله، وتنعم بعد كَلال المسير وحرِّ الهجير ببرد ظلاله.
وبين أن العبد المؤمن مهما طال عن الله بُعْدُه، وقَسا قلبُه، وقحِطت عينُه: فدواعي الخير في حنايا قلبه، ونوازع الصلاح في دواخله لها حنينٌ إلى رياض الذكر وأنينٌ من وحشة الانقطاع. من أسرار إقبال القلوب على الله والأُنس بطاعته والنعيم بقربه ولذّة مناجاته وانطلاق الجوارح في مرضاته -في شهر رمضان-: ما شرع الله فيه من أبواب الخيرات، وأمدّ من أسباب الرحمات، وأفاض من سحائب البركات.
إنه شهر تكسر فيه قيود النفس وسَوْراتها، وتُلْجم فيه شهواتُها ونَزَواتُها، حتى تنعتق من عوائقها وعلائقها، فتنطلقَ في ميادين الطاعات إلى خالقها، فهنيئا لمن أدرك ساعاته، ووُفِّق لاغتنام لحظاته، وسعى في طاعة مولاه ومرضاتِه.
وختم: لأن الصوم عبادة خَفاء وطاعة سر بين العبد وربِّه: فهو عبادة تتحقق فيها معاني الإخلاص لله، وصِدْق العبودية له، ومراقبته في حال شهود الخلق وغيبتهم، فحالُ المُمسِك شِبَعًا مثل حال المُمْسِك تقرُّبًا في الصورة الظاهرة، فلذلك المعنى اللطيف والمقصد الشريف اختصَّ الله بهذه العبادة وأضافها لنفسه.